التهاب اللثة وتأثيره على الأسنان: كيفية تراجع الأنسجة الداعمة وتسببه في حساسية الأسنان وفقدانها

هل يؤدي التهاب اللثة إلى حدوث تبدل بالأسنان؟

يُعد التهاب اللثة، المعروف علمياً باسم أمراض اللثة (Periodontal Disease)، حالة شائعة تؤثر على الأنسجة الداعمة للأسنان. وعلى الرغم من أن التهاب اللثة نفسه لا يؤدي بشكل مباشر إلى "تبدل" الأسنان بالمعنى الحرفي للكلمة (أي تغيير في شكلها أو تركيبها الجوهري)، إلا أنه يُحدث سلسلة من التغيرات التي تؤثر بشكل كبير على وضع الأسنان ووظيفتها وحساسيتها، مما يُمكن أن يُفسر على أنه نوع من التبدل في الأداء والراحة.

تأثير التهاب اللثة على الأنسجة الداعمة:

تبدأ المشكلة عندما تُصبح اللثة ملتهبة بسبب تراكم البلاك والجير، وهي طبقات من البكتيريا تتراكم على الأسنان. إذا لم يُعالج هذا الالتهاب، فإنه يتطور إلى التهاب دواعم السن (Periodontitis)، وهي مرحلة أكثر خطورة تؤثر على الأنسجة العظمية والأربطة التي تُثبت الأسنان في مكانها.

بشكل طبيعي، تُغطى جذور الأسنان بطبقة واقية تُسمى الملاط (Cementum)، والذي يرتبط به الرباط اللثوي (Periodontal Ligament) الذي يُثبت السن في عظم الفك. في حالة التهاب دواعم السن المتقدم:
  • تراجع اللثة (Gum Recession): يؤدي الالتهاب المستمر إلى تدمير الأنسجة اللثوية، مما يتسبب في تراجع اللثة وانكشاف جزء من جذور الأسنان.
  • فقدان الغطاء الواقي للجذور: عندما تنحسر اللثة، تفقد الجذور طبقة الحماية الطبيعية التي كانت تُوفرها الأنسجة اللينة. يُصبح الملاط مكشوفاً، وهو أقل صلابة من المينا التي تُغطي تاج السن، وأكثر مسامية.
  • تآكل العظم السنخي (Alveolar Bone Loss): يُعد هذا الجانب الأخطر، حيث يُدمر الالتهاب العظم الذي يدعم الأسنان. يُصبح السن أقل ثباتاً في مكانه.

الحساسية المفرطة للأسنان (Dentin Hypersensitivity):

يُعد فقدان الغطاء الواقي للجذور نتيجة مباشرة لتراجع اللثة وتآكل العظم. يُصبح سطح الجذر المكشوف حساساً بشكل كبير للأطعمة والمشروبات الساخنة والباردة، وكذلك للهواء والضغط. السبب في ذلك هو أن الملاط المكشوف يحتوي على آلاف الأنابيب الدقيقة (الأنابيب العاجية) التي تؤدي مباشرة إلى عصب السن (Pulp). عندما تُثار هذه الأنابيب بالمنبهات الخارجية (الحرارة، البرودة، الحمضية)، تنتقل الإشارة مباشرة إلى العصب، مما يُسبب ألماً حاداً ومفاجئاً.

التبدلات غير المباشرة في الأسنان:

على الرغم من أن التهاب اللثة لا يُغير تركيب السن نفسه، إلا أنه يُؤدي إلى تبدلات وظيفية وهيكلية غير مباشرة تؤثر على الأسنان بشكل كبير:
  • حركة الأسنان وتغيرات في العضة (Tooth Mobility and Bite Changes): مع فقدان العظم الداعم، تُصبح الأسنان أقل ثباتاً، مما يؤدي إلى حركتها (Mobility). هذه الحركة قد تُسبب تغيرات في طريقة إطباق الأسنان (Bite Changes)، مما يُؤثر على عملية المضغ ويُمكن أن يُسبب ألماً في المفصل الفكي الصدغي.
  • فراغات بين الأسنان (Diastema): قد تُؤدي حركة الأسنان إلى ظهور فراغات جديدة بينها أو اتساع الفراغات الموجودة.
  • فقدان الأسنان (Tooth Loss): في المراحل المتقدمة والمهملة من التهاب دواعم السن، يُمكن أن يُصبح فقدان العظم حاداً لدرجة أن الأسنان تُصبح متحركة للغاية وتتساقط من تلقاء نفسها، أو تحتاج إلى الخلع. هذا هو "التبدل" الأكثر دراماتيكية.
  • تغيرات في المظهر الجمالي: يؤثر تراجع اللثة وانكشاف الجذور على جمال الابتسامة، حيث تُصبح الأسنان تبدو أطول وقد تظهر بلون مختلف عند الجذر.

الخلاصة:

في الختام، لا يُسبب التهاب اللثة "تبدلاً" في تركيب الأسنان من حيث المادة، لكنه يُؤدي إلى تغيرات جوهرية في البيئة المحيطة بالسن، مما يُؤثر على ثباته، وحساسيته، ووضعه في الفك، وحتى بقائه. لذلك، يُعد الحفاظ على صحة اللثة أمراً حيوياً للحفاظ على صحة وسلامة ووظيفة الأسنان على المدى الطويل. تجاهل التهاب اللثة يُمكن أن يُؤدي إلى عواقب وخيمة تُؤثر على جودة الحياة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال