أحكام التخدير الجراحي.. الإدراك وفقدان الحس التام في سائر الجسم أو زوال الحس في منطقة محدودة من الجسم



التخدير في الاصطلاح الطبي الحديث: علم هدفه معرفة وتطبيق الوسائط -أي المواد المخدرة- التي من شأنها أن تحدث عند المريض زوال حس جزئي أو تام بقصد إجراء تدخل جراحي.
والتخدير نوعان:

1- تخدير عام:
وهو الذي يسبب ضياع الإدراك وفقدان الحس التام في سائر الجسم.

2- تخدير موضعي:
وهو الذي يسبب زوال الحس في منطقة محدودة من الجسم.
والمخدرات لم تكن معروفة عند سلف الأمة لذلك لم يتكلموا عن حكمها.

وفي أواخر القرن السادس ظهرت الحشيشة وذلك حينما غزا التتار بلاد المسلمين فجلبوها معهم فابتلي فساق المسلمين بأكلها، فتكلم عليها العلماء وانعقد الإجماع على حرمة المسكر منها، لأنها في حكم الخمر، ولأنه داخلة في عموم قوله (ص): "كل مسكر حرام" رواه مسلم.

أما المخدرات الموجودة في عصرنا فقد ثبت بكل جلاء ضررها على الفرد والمجتمع كله ولهذا انعقد الإجماع الدولي على محاربتها.
وتشير الدراسات الطبية إلى أن المواد المخدرة مضرة بالإنسان جسديا ونفسيا وعقليا مما يقضي بحرمتها.

أما بالنسبة لمشروعية التخدير الجراحي فإن الطبيب يحتاج أثناء قيامه بمهمة الجراحة الطبية إلى سكون المريض وعدم حركته كي يستطيع القيام بمهمته.

ولا تخلو الحاجة إلى التخدير في الجراحة الطبية من ثلاث حالات:

1- أن تصل إلى مقام الضرورة:
وهي الحالة التي يستحيل فيها إجراء الجراحة الطبية بدون تخدير كما في جراحة القلب المفتوح.
وهنا يجوز فعله لأن الضرورات تبيح المحضورات.

2- أن تصل إلى مقام الحاجة:
وهي الحالة التي لا يستحيل فيها إجراء الجراحة الطبية بدون تخدير ولكن المريض يلقى فيها مشقة فادحة لا تصل به على درجة الموت، كبتر الأعضاء.
وهنا يجوز فعله أيضا لأن الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة.

3- لا تصل إلى مقام الضرورة والحاجة:
حيث يمكن فيها إجراء الجراحة الطبية دون أن يخدر المريض ويلقى فيها بعض الآلام البسيطة التي يمكن الصبر عليها كقلع السن في بعض حالاته.

وهنا يرخص في اليسير من المخدر في التداوي بنا على نص الفقهاء المتقدمين على جواز استعمال المخدر في التداوي.

ولا يجوز للمخدر أن يختار طريقة اشد ضررا من غيرها متى أمكن التخدير بالطريقة التي هي أقل منها ضررا.

كما لا يجوز له أن يعدل إلى التخدير عن طريق العورة "فتحة الشرج" متى أمكن التخدير عن طريق الوريد ونحوه، لأن العورة لا يستباح كشفها إلا عند الحاجة وانعدام البديل.