تحديد مواقع النبض في مريض الصدمة القلبية: دليل شامل لأماكن الفحص وأهمية جودة النبض في تقييم الدورة الدموية الطرفية وعلامات تروية الأعضاء الحيوية

أين يتم جس النبض في مريض الصدمة القلبية؟

تعتبر الصدمة القلبية حالة طبية طارئة تهدد الحياة، تنجم عن فشل القلب المفاجئ في ضخ كمية كافية من الدم لتلبية احتياجات الجسم من الأكسجين والمغذيات. غالبًا ما تكون ناتجة عن احتشاء عضلة القلب الحاد (النوبة القلبية) الشديد، ولكنها قد تنجم أيضًا عن حالات أخرى مثل التهاب عضلة القلب الحاد، أو مضاعفات ميكانيكية للنوبة القلبية (مثل تمزق الحاجز البطيني أو قصور الصمام المترالي الحاد)، أو اعتلال عضلة القلب المتقدم. في سياق الصدمة القلبية، يصبح تقييم النبض أمرًا بالغ الأهمية لتقدير حالة الدورة الدموية الطرفية، على الرغم من أن الاعتماد عليه وحده قد يكون مضللاً ويجب دمجه مع علامات أخرى لتروية الأعضاء.

فهم الأساس الفيزيولوجي لتجس النبض في الصدمة:

ينتج النبض عن التمدد الدوري لجدران الشرايين استجابةً لضخ الدم من البطين الأيسر أثناء الانقباض. قوة النبض تعكس عدة عوامل، بما في ذلك حجم النفضة القلبية (كمية الدم التي يضخها القلب في كل نبضة)، وضغط الدم، ومرونة جدران الشرايين، ومقاومة الأوعية الدموية الطرفية.

في مريض الصدمة القلبية، يكون حجم النفضة القلبية منخفضًا بشكل كبير بسبب ضعف وظيفة البطين الأيسر. بالإضافة إلى ذلك، يعاني المريض من انخفاض في ضغط الدم (عادةً ما يكون ضغط الدم الانقباضي أقل من 90 مم زئبقي أو انخفاضًا بمقدار 30 مم زئبقي عن خط الأساس). كرد فعل تعويضي، قد يحدث تضيق في الأوعية الدموية الطرفية للحفاظ على تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية (الدماغ والقلب).

نتيجة لهذه التغيرات الديناميكية الدموية، يصبح النبض في مريض الصدمة القلبية غالبًا ضعيفًا، وسريعًا (خيطيًا أو مهموسًا)، وقد يكون غير منتظم إذا كان هناك اضطراب في نظم القلب.

أماكن تجس النبض في مريض الصدمة القلبية وأهميتها:

عند تقييم النبض في مريض يشتبه بإصابته بالصدمة القلبية، يجب فحص عدة مواقع لتقييم جودة النبض بشكل شامل. تتضمن المواقع الرئيسية ما يلي:

1. الشريان السباتي (Carotid Artery):

  • الموقع: يقع في العنق، على جانبي القصبة الهوائية، بين الحنجرة والعضلة القصية الترقوية الخشائية.
  • الأهمية في الصدمة: يعتبر الشريان السباتي من أكثر الشرايين مركزية وكبيرة. في حالات انخفاض ضغط الدم الشديد والصدمة، قد يكون النبض محسوسًا هنا فقط عندما يكون النبض الطرفي (مثل النبض الكعبري) غير محسوس. وجود نبض سباتي لا يستبعد الصدمة ولكنه يشير إلى وجود بعض التروية للدماغ. غياب النبض السباتي يشير إلى حالة طارئة تهدد الحياة وتتطلب تدخلًا فوريًا.
  • الحذر: يجب تجس النبض السباتي بلطف على جانب واحد فقط في كل مرة لتجنب تحفيز المستقبلات الحسية التي قد تؤدي إلى تباطؤ معدل ضربات القلب (رد الفعل المبهمي).

2. الشريان الفخذي (Femoral Artery):

  • الموقع: يقع في الفخذ، أسفل الرباط الإربي، في منتصف المسافة بين الحدبة العانية والشوك الحرقفي الأمامي العلوي.
  • الأهمية في الصدمة: يعتبر الشريان الفخذي أيضًا شريانًا مركزيًا نسبيًا. قد يظل النبض محسوسًا هنا حتى في حالات انخفاض ضغط الدم الأكثر وضوحًا من النبض الطرفي. تقييم النبض الفخذي يوفر معلومات حول تروية الأطراف السفلية ويعكس إلى حد ما حجم النفضة القلبية وضغط الدم المركزي.

3. الشريان الكعبري (Radial Artery):

  • الموقع: يقع في الرسغ، على الجانب الإنسي (جانب الإبهام) من الساعد.
  • الأهمية في الصدمة: يعتبر الشريان الكعبري شريانًا طرفيًا. في حالات الصدمة القلبية، غالبًا ما يكون النبض الكعبري ضعيفًا أو غائبًا بسبب تضيق الأوعية الدموية الطرفية الذي يهدف إلى الحفاظ على تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية. غياب النبض الكعبري يشير بقوة إلى انخفاض كبير في ضغط الدم وانخفاض التروية الطرفية. ومع ذلك، قد يكون محسوسًا بشكل ضعيف في المراحل المبكرة من الصدمة.

4. الشريان العضدي (Brachial Artery):

  • الموقع: يقع في الجزء العلوي من الذراع، بين العضلة ذات الرأسين العضدية والعضلة ثلاثية الرؤوس العضدية، بالقرب من الكوع.
  • الأهمية في الصدمة: يعتبر أكثر مركزية من الشريان الكعبري. قد يكون النبض العضدي محسوسًا عندما يكون النبض الكعبري ضعيفًا أو غائبًا. غالبًا ما يستخدم لقياس ضغط الدم غير الباضع.

5. الشرايين الطرفية الأخرى (Popliteal, Dorsalis Pedis, Posterior Tibial):

  • الموقع: الشريان المأبضي خلف الركبة، الشريان الظهري للقدم على ظهر القدم، الشريان الظنبوبي الخلفي خلف الكعب الإنسي.
  • الأهمية في الصدمة: هذه الشرايين هي أكثر طرفية. في الصدمة القلبية، يكون النبض فيها غالبًا ضعيفًا أو غائبًا، مما يشير إلى ضعف التروية البعيدة. تقييم هذه النبضات مهم لتقييم تروية الأطراف السفلية بشكل كامل.

ملاحظات هامة حول تقييم النبض في الصدمة القلبية:

  • الجودة أهم من الوجود: ليس مجرد وجود النبض هو المهم، بل جودته (قوته، نظمه، سرعته) هي التي توفر معلومات قيمة. النبض الخيطي السريع يشير إلى انخفاض حجم النفضة القلبية وانخفاض ضغط الدم.
  • المقارنة الثنائية: يجب مقارنة النبض في الأطراف المتقابلة لتقييم التماثل. قد يشير الاختلاف في قوة النبض إلى وجود انسداد وعائي أو حالة أخرى.
  • الدمج مع علامات أخرى: تقييم النبض يجب أن يتم دائمًا جنبًا إلى جنب مع علامات أخرى لتروية الأعضاء، مثل:
  1. مستوى الوعي: قد يكون لدى مريض الصدمة القلبية تغير في الحالة العقلية (قلق، هياج، تخليط ذهني، غيبوبة) بسبب نقص تروية الدماغ.
  2. لون الجلد ودرجة حرارته: غالبًا ما يكون الجلد شاحبًا، باردًا، ورطبًا (متعرقًا) بسبب تضيق الأوعية الدموية الطرفية. قد تظهر الأطراف بلون أزرق (زرقة) في الحالات الشديدة.
  3. وقت إعادة الامتلاء الشعري (Capillary Refill Time): يكون عادةً أطول من ثانيتين، مما يشير إلى ضعف التروية الطرفية.
  4. إنتاج البول: ينخفض إنتاج البول بشكل كبير بسبب انخفاض تدفق الدم إلى الكليتين.
  5. معدل التنفس وعمقه: قد يكون التنفس سريعًا وسطحيًا كمحاولة لتعويض نقص الأكسجين.
  6. قياس ضغط الدم: هو مقياس مباشر للضغط الشرياني ولكنه قد يكون صعب القياس في حالات انخفاض الضغط الشديد.
  • المراقبة المستمرة: يجب مراقبة النبض وضغط الدم والعلامات الحيوية الأخرى بشكل مستمر لتقييم استجابة المريض للعلاج.
  • استخدام أدوات متقدمة: في البيئات السريرية المتقدمة، قد يتم استخدام مراقبة ديناميكية الدم الغازية (مثل القسطرة الشريانية) للحصول على قياسات دقيقة ومستمرة لضغط الدم ومعدل ضربات القلب وغيرها من المعلمات الهيموديناميكية.

خلاصة:

في مريض الصدمة القلبية، يمكن تجس النبض في مواقع مختلفة، ولكن جودته (ضعيف، سريع، قد يكون غير منتظم) تعكس حالة الدورة الدموية المتدهورة. يعتبر النبض السباتي والفخذي أكثر مركزية وقد يظلان محسوسين حتى في حالات انخفاض ضغط الدم الشديد، بينما يكون النبض الكعبري والطرفي الآخر غالبًا ضعيفًا أو غائبًا، مما يشير إلى ضعف التروية الطرفية. تقييم النبض يجب أن يكون جزءًا من تقييم شامل يشمل علامات أخرى لتروية الأعضاء الحيوية، ويجب مراقبته باستمرار لتقييم استجابة المريض للعلاج. الاعتماد على النبض وحده قد يكون غير كافٍ لتقييم شدة الصدمة القلبية، ويتطلب الأمر دمج النتائج مع العلامات السريرية الأخرى والقياسات الهيموديناميكية المتاحة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال