قاعدة الستر والبصمة الوراثية.. نسبة ولد الزنا لأمه هو فضح دائم وضرورة أكبر تتطلب إثبات الولد لأبيه. الستر في نسبة الولد لأبيه وليس في عدم نسبته



كون الأخذ بالبصمة الوراثية ينافي قاعدة الستر، فهذا أمر غير صحيح، حيث إن إثبات نسب ولد الزنا بتحليل الـ"(DNA)"  يطبق قاعدة الستر، حيث إن الستر في نسبة الولد لأبيه وليس في عدم نسبته، فعدم النسبة لأبيه سيؤدي إلى أن الولد سيظل معروفًا بأنه ليس من أب شرعي وتعير بهما أسرتهما.. بل إن نسبة ولد الزنا لأمه هو فضح دائم وضرورة أكبر تتطلب إثبات الولد لأبيه. الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية يؤكد قائلاً:إنه في جانب الزاني إذا كان قول الجمهور إن ماء الزنا هدر، فإنني أرى الأخذ ببعض المحققين منهم الحسن وابن سيرين وعروة والإمام أبي حنيفة، حيث كانوا يرون إذا أقيم الحد ثبت النسب، والحد لا يقام إلا ببينة، فإذا كانت البينة تثبت بالـ "(DNA)" وهي مضمونة كما قال العلماء بأكثر من 99.5% فلا نتجاهل كلام هؤلاء المحققين، ونقول إن ماء الزنا هدر فهذا تجاهل لمصالح المسلمين وما قام الشرع إلا لتحقيق هذه المصالح، وحيث تكون المصلحة فثمّ شرع الله، خاصة أن لدينا في مصر 14 ألف قضية نسب ضاعت وثائق الزواج، ويمكن بتحليل الـ "(DNA)" أن تحل. ولا بد من التأكيد على أن القول بإثبات النسب بالبصمة الوراثية خاصة لولد الزنا سيؤدي إلى التقليل من الزنا، فإذا عرف الزاني أنه سيتحمل نتيجة جريمته فسيفكر ألف مرة في أن يرتكب الفاحشة إذا عرف أنه إذا أنكر نسب ولده سيعمل فيه تحليل الـ "(DNA)"، أو أن المرأة إذا حملت حملاً من غير زوجها فينكره ويلجأ للتحليل فلن تقدم على الجريمة وستنضبط الأمور.
وليس معنى أن الجمهور قالوا إن ماء الزنا هدر أن رأي الجمهور هو الصحيح فقد يكون الرأي صحيحًا في عصر وغير صحيح في عصر آخر؛ نظرًا لاختلاف الدواعي، وفي عصرنا هذا حيث فقدت كثير من الضمائر رقابتها ورعايتها لله فإن كثيرًا من الذين يتزوجون عرفيًّا يستولون على ورقة الزواج ويعدمونها، ثم لا يعترفون بأبنائهم، فيحكم القضاء بأنه زنا، ولا ينسب الطفل؛ لأن القاضي ليست أمامه أوراق، فليس الأمر الآن كما كان في الماضي من يتزوج ثم ينكر الزواج، وأزواج يهربون ويتركون زوجاتهم.
والقول بهذا التحليل إنما لإثبات النسب في حالة الزنا، وليس لإثبات الحد؛ لأن نظرة الشرع للنسب تختلف عن نظرته لإقامة الحد فالشرع يثبت النسب لأدنى ملابسة، وهو يتشوف لذلك، أما الحد فإن الشرع يسقطه لوجود أي شبهة، فإذا كنا نقول 99.5% هي نسبة صحة تحليل الـ "(DNA)" فإننا نثبت بهذه النسبة النسب؛ لأنه يثبت بأدنى قرينة وكانوا في الماضي يثبتونه بالقيافة، أما النصف في المائة من عدم التأكد فيعتبر الشبهة التي تسقط بها الحد، ومع ذلك لا بد أن تكون هناك عقوبة تعذير يقررها القاضي.
وهذا الكلام يعتمد على أنه في الحقوق يجب البحث عن الإثبات، وفي الحدود يجب البحث عن الإسقاط، كما أن أبا حنيفة قال يحسن أن يتزوج الزاني بالزانية وهي حامل ويثبت النسب ويستر على نفسه وعليها، والواقع أن المرأة تلجأ للقضاء لإثبات النسب لشخص تحت ادعاء أنه تزوجها عرفيًّا وأخذ ما يثبت ذلك وهرب، أما إذا قالت إن شخصًا زنا بها فحملت وأنجبت هذا الطفل أقيم عليها الحد باعترافها، ولا يقام على الرجل لشبهة عدم صحة النصف في المائة في تحليل الـ"(DNA)"  ما لم يعترف بذلك بعد التحليل.
ومؤخراً أيّد الدكتور علي جمعة مفتي مصر فتوى العلامة الدكتور يوسف القرضاوي في رفض إثبات نسب ولد الزنا عن طريق تحليل البصمة الوراثية، لكن علماء بالأزهر أجازوه، معتبرين أنه سيقلل من جرائم الزنا.
وأوضح الدكتور علي جمعة أن «علماء الفقه الإسلامي اتفقوا على إثبات النسب للأم بالميلاد، أما بالنسبة للأب فلا بد أن يتم ذلك عن طريق الوسائل الشرعية وليس بغيرها».
وقال: «لذا نعتبر إثبات النسب لابن الزنا غير سليم، وهذا لا علاقة له باستعمال تحليل البصمة الوراثية "(DNA)"».