الحياة العلمية لابن البيطار وأساتذته.. قضاء الوقت في الغابة المجاورة لقريته منذ صغره لمراقبة التنوع الحيواني والنباتي فيها



كانت عائلته من أهل الرواية والعناية، وبيته الذي نشأ فيه بيت علم ودين، وكان والده طبيبا بيطريا حاذقا، وقد تعلم المبادئ الأولية في العلوم في مالقة، وظهرت مواهبه الفطرية وقوة ذكائه وميوله الطبيعية للبحث والتنقيب منذ صغره، فقد كان يقضي وقته في الغابة المجاورة لقريته منذ صغره، وكان يراقب التنوع الحيواني والنباتي فيها، وتلك كانت بمثابة أول مدرسة له في علم النبات.

وقد امتدح ابن أبي أصيبعة أستاذه ابن البيطار وقال عنه: "قرأت عليه تفسيره لأسماء أدوية كتاب ديسقوريدوس فكنت أجد من غزارة علمه ودرايته وفهمه شيئًا كثيرًا جدٌّا، وكنت أحضر عدة من الكتب المؤلفة في الأدوية المفردة مثل كتاب ديسقوريدوس وجالينوس والغافقي وأمثالها من الكتب الجليلة في هذا الفن، فكان يذكر أولا ما قاله ديسقوريدوس في كتابه باللفظ اليوناني على ما قد صححه في بلاد الروم، ثم يذكر جمل ما قاله ديسقوريدوس من نعته وصفته وأفعاله.

ويذكر أيضًا ما قاله جالينوس فيه من نعته ومزاجه وأفعاله وما يتعلق بذلك، ويذكر أيضًا جُملاً من أقوال المتأخرين وما اختلفوا فيه ومواضع الغلط والاشتباه الذي وقع لبعضهم في نعته، فكنت أراجع تلك الكتب معه، ولا أجده يقلد شيئُا مما فيها، وأعجب من ذلك أيضًا أنه كان ما يذكر دواء إلا وعيّن في أي مقالة هو من كتاب ديسقوريدوس وجالينوس، وفي أي عدد هو من جُملة الأودية المذكورة في تلك المقالة".

أساتذته:
تتلمذ ابن البيطار بعد ذلك على عدة علماء نبات، حيث اطَّلع على كل ما تُرْجِمَ من كتب اليونانيين وعلوم الأوائل من غير العرب.

وقد ساعده على ذلك معرفته بعدد من اللغات كالفارسية واليونانية، حيث درس كتب ديسقوريدس Disokurides وجالينوس Galenos وأبقراط وابن سينا والإدريسي وأبي العباس النباتي دراسة مستفيضة حتى أتقنها تماما وشرح النقاط الغامضة فيها وعلق على مآثرها.