شروط وضوابط زراعة الأعضاء في ضوء الشريعة الإسلامية: عرض مفصل للشروط والضوابط التي يجب مراعاتها عند التبرع بالأعضاء وزراعتها



زراعة الأعضاء: بين التحريم والإباحة في الإسلام

مقدمة:

أثار موضوع زراعة الأعضاء، منذ بداياته، نقاشًا ساخنًا بين العلماء المسلمين، انقسم فيه الرأي بين التحريم والإباحة. وتناول هذا الموضوع العديد من المؤلفات، بعضها حرم زراعة الأعضاء تشديدًا، بينما أجازها البعض الآخر بشروط وضوابط.

أدلة التحريم:

يستند المحرمون لزراعة الأعضاء إلى جملة من الأدلة الشرعية، منها:
  • عدم ملكية الإنسان لجسده: يرى بعض العلماء أن الإنسان لا يملك جسده، بل هو ملك لله سبحانه وتعالى، ولا يحق له التصرف فيه أو التبرع بأعضائه.
  • حرمة تشريح الميت: يرى البعض الآخر أن زراعة الأعضاء تتضمن تشريح جثة الميت، وهو أمر محرم شرعًا.
  • نجاسة العضو المقطوع: يعتبر بعض العلماء العضو المقطوع من الميت نجسًا، ولا يجوز زراعته في جسد حي.
  • تغيير خلق الله: يرى البعض أن زراعة الأعضاء تُعد تغييرًا لخلق الله، وهو أمر محرم شرعًا.

أدلة الإباحة:

في المقابل، يُجيز المبيحون لزراعة الأعضاء استنادًا إلى أدلة شرعية ونظرية، منها:
  • إنقاذ النفس: يرى المبيحون أن زراعة الأعضاء تُعدّ من وسائل إنقاذ النفس، وهي واجب شرعي.
  • سد الذرائع: يرى البعض أن منع زراعة الأعضاء قد يُؤدّي إلى تفاقم مشكلة نقص الأعضاء، ممّا قد يدفع البعض إلى اللجوء إلى ممارسات محرّمة للحصول على الأعضاء.
  • القياس على الوصل: يُقيس بعض العلماء زراعة الأعضاء على الوصل، وهو عملية ربط عضو مقطوع من شخص حي بجسد شخص آخر، وقد أجاز الإسلام الوصل في بعض الحالات.
  • إعمال مبدأ التعاون: يرى البعض أن زراعة الأعضاء تُعدّ من مظاهر التعاون بين المسلمين، وتُساهم في التخفيف من معاناة المرضى.

موقف المجامع الفقهية:

أصدرت العديد من المجامع الفقهية الإسلامية فتاوى تُجيز زراعة الأعضاء بشروط وضوابط، منها:
  • رضا المتبرع أو أهله: يجب أن يرضى المتبرع أو أهله بالتبرع بالعضو.
  • أن يكون التبرع بغير عوض: لا يجوز بيع الأعضاء أو التبرع بها مقابل المال.
  • أن لا يُلحق التبرع ضررًا بالمتبرع: لا يجوز التبرع بالعضو إذا كان ذلك يُلحق ضررًا بالمتبرع.
  • أن يكون العضو المزروع من شخص مسلم: يُفضل أن يكون العضو المزروع من شخص مسلم، لكن يجوز زراعته من شخص غير مسلم في بعض الحالات الضرورية.

خاتمة:

يُعدّ موضوع زراعة الأعضاء من القضايا الفقهية المعقدة التي لا تزال محل نقاش بين العلماء المسلمين. ولذلك، يجب على المسلم أن يستفتي عالمًا ثقةً مُختصًا في هذا المجال قبل اتخاذ أي قرار بشأن التبرع بالأعضاء أو زراعتها.


ليست هناك تعليقات