الطبيعة تُعيد بناء نفسها:
يُعدّ التعاقب الثانوي عملية طبيعية حيوية تُعيد الحياة إلى المناطق التي تعرّضت للاضطرابات والكوارث البيئية. على عكس التعاقب الأولي الذي يبدأ على أرض جرداء تمامًا، ينطلق التعاقب الثانوي من أرض تحتفظ ببعض آثار الحياة السابقة، مما يُسرِّع وتيرة عودة النظام البيئي إلى حالته المُستقرة. في هذا الموضوع، سنتناول مفهوم التعاقب الثانوي بالتفصيل، مُوضِّحين أسبابه ومراحله وأهميته في إعادة تأهيل النظم البيئية.
التعاقب الثانوي (Secondary Succession):
يحدث التعاقب الثانوي عندما يتعرَّض نظام بيئي قائم لاضطراب يُدمِّر جزءًا من المجتمع الحيوي أو يُزيله بالكامل، لكن التربة تظل موجودة. هذا يُعتبر الفرق الرئيسي بين التعاقب الثانوي والتعاقب الأولي، حيث يبدأ التعاقب الأولي في مناطق خالية تمامًا من التربة.
أسباب حدوث التعاقب الثانوي:
هناك العديد من الأسباب التي يُمكن أن تُؤدِّي إلى حدوث التعاقب الثانوي، منها:
- الحرائق (Fires): تُدمِّر حرائق الغابات الغطاء النباتي، لكنها تُخلِّف وراءها تربة غنية بالمواد الغذائية.
- البراكين (Volcanoes): تُؤدِّي الثورات البركانية إلى تدمير الغطاء النباتي والحيواني في المناطق المُحيطة، لكن الرماد البركاني يُمكن أن يُخصِّب التربة.
- الفيضانات (Floods): تُؤدِّي الفيضانات إلى جرف التربة والنباتات، لكنها تُرسِّب أيضًا طميًا غنيًا بالعناصر الغذائية.
- الأنشطة البشرية (Human Activities): مثل إزالة الغابات والزراعة والتعدين.
مراحل التعاقب الثانوي:
تتشابه مراحل التعاقب الثانوي مع مراحل التعاقب الأولي، لكنها تحدث بوتيرة أسرع بسبب وجود التربة. تشمل هذه المراحل:
- الأنواع الرائدة (Pioneer Species): غالبًا ما تكون هذه الأنواع نباتات عشبية سريعة النمو وقادرة على الانتشار بسرعة في المناطق المُتضرِّرة. تأتي هذه الأنواع من البذور الموجودة في التربة أو من المناطق المُجاورة عن طريق الرياح أو الحيوانات.
- الأعشاب والشجيرات (Grasses and Shrubs): مع تحسُّن ظروف التربة وتوفُّر المزيد من الموارد، تبدأ الأعشاب والشجيرات في النمو والتنافس مع الأنواع الرائدة.
- الأشجار سريعة النمو (Fast-growing Trees): تبدأ الأشجار سريعة النمو، مثل الصنوبر، في الظهور والسيطرة على المنطقة.
- الأشجار البطيئة النمو (Slow-growing Trees): في المراحل النهائية، تبدأ الأشجار البطيئة النمو، مثل البلوط والقيقب، في الظهور والتنافس مع الأشجار سريعة النمو.
- مجتمع الذروة (Climax Community): يصل المجتمع الحيوي في النهاية إلى حالة من الاستقرار النسبي، حيث تسود أنواع مُعيَّنة من النباتات والحيوانات. يُعتبر هذا المجتمع مُستقرًا نسبيًا وقادرًا على الحفاظ على تركيبه لفترة طويلة، ما لم تحدث اضطرابات جديدة.
مُعدَّل التعاقب الثانوي:
يحدث التعاقب الثانوي بوتيرة أسرع من التعاقب الأولي لعدة أسباب:
- وجود التربة: تُوفِّر التربة الموجودة بالفعل بيئة مُلائمة لنمو النباتات، حيث تحتوي على العناصر الغذائية والمواد العضوية اللازمة.
- وجود البذور والجذور: قد تبقى بذور وجذور النباتات السابقة في التربة، مما يُسرِّع عملية الاستعمار.
- وجود الكائنات الحية الدقيقة: تُساهم الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في التربة في تحلُّل المواد العضوية وتوفير العناصر الغذائية.
مثال على التعاقب الثانوي:
بعد حريق في غابة، تبدأ الأعشاب والحشائش في النمو بسرعة في المنطقة المُحترِقة. ثم تتبعها الشجيرات والأشجار سريعة النمو، مثل الصنوبر. في النهاية، إذا لم تحدث حرائق مُتكرِّرة، يُمكن أن تعود الغابة إلى حالتها الأصلية أو إلى حالة مُشابهة.
خلاصة:
التعاقب الثانوي هو عملية طبيعية تُساعد النظم البيئية على التعافي بعد الاضطرابات. يُعتبر فهم هذه العملية مُهمًا لإدارة الموارد الطبيعية والحفاظ على التنوع الحيوي.
التسميات
كائنات حية