وظائف الغدد الجار درقية:
الغدد الجار درقية (Parathyroid Glands) هي أربع غدد صغيرة جدًا، بحجم حبة الأرز تقريبًا، تقع خلف الغدة الدرقية في منطقة الرقبة. على الرغم من حجمها الصغير، إلا أن وظيفتها حيوية ومحورية للغاية في الحفاظ على صحة الجسم، خاصةً فيما يتعلق بتنظيم مستويات الكالسيوم والفوسفور في الدم.
الهرمون الرئيسي: هرمون الغدة الجار درقية (PTH)
الوظيفة الأساسية والوحيدة للغدد الجار درقية هي إنتاج وإفراز هرمون الغدة الجار درقية (Parathyroid Hormone - PTH)، المعروف أيضًا باسم "الباراثورمون". يعمل هذا الهرمون كمُنظّم رئيسي لتركيز الكالسيوم والفوسفور في الدم، وهو أمر حيوي للعديد من وظائف الجسم الحيوية.
آلية عمل هرمون الـ PTH (الباراثورمون):
يعمل هرمون الـ PTH على ثلاثة أعضاء رئيسية في الجسم للحفاظ على توازن الكالسيوم والفوسفور:
1. العظام:
- تحفيز تحرير الكالسيوم: عندما تنخفض مستويات الكالسيوم في الدم، يحفز هرمون الـ PTH خلايا خاصة في العظام تسمى "ناقضات العظم" (Osteoclasts) لتقوم بتكسير جزء صغير من النسيج العظمي. هذه العملية تُطلق الكالسيوم والفوسفور المخزنين في العظام إلى مجرى الدم، مما يرفع مستوى الكالسيوم.
- يُعد هذا المفعول بمثابة "مصدر احتياطي" سريع للكالسيوم عندما يكون هناك نقص في الدم.
2. الكلى:
- إعادة امتصاص الكالسيوم: يزيد هرمون الـ PTH من قدرة الكلى على إعادة امتصاص الكالسيوم من البول قبل أن يتم التخلص منه خارج الجسم. هذا يقلل من فقدان الكالسيوم عبر البول ويساهم في رفع مستوياته في الدم.
- إفراز الفوسفور: على النقيض، يزيد هرمون الـ PTH من إفراز الفوسفور في البول، مما يساعد على خفض مستوياته في الدم. هذا التوازن بين الكالسيوم والفوسفور مهم جدًا.
- تنشيط فيتامين د: يحفز هرمون الـ PTH الكلى على تحويل فيتامين د غير النشط إلى شكله النشط (كالسيتريول). هذا الفيتامين د النشط ضروري لوظيفة الغدد الجار درقية نفسها وله دور حيوي في امتصاص الكالسيوم من الأمعاء.
3. الأمعاء الدقيقة (بشكل غير مباشر):
- يعمل هرمون الـ PTH بشكل غير مباشر على الأمعاء الدقيقة عن طريق تحفيز الكلى لإنتاج الشكل النشط من فيتامين د.
- فيتامين د النشط هو الذي يعزز امتصاص الكالسيوم من الطعام في الأمعاء الدقيقة إلى مجرى الدم.
أهمية تنظيم الكالسيوم والفوسفور:
يُعد الكالسيوم أحد أهم المعادن في الجسم، وله أدوار حيوية متعددة:
- صحة العظام والأسنان: الكالسيوم هو المكون الأساسي للعظام والأسنان، ويمنحها الصلابة والقوة.
- وظيفة العضلات: يلعب الكالسيوم دورًا أساسيًا في انقباض العضلات واسترخائها، بما في ذلك عضلة القلب.
- وظيفة الجهاز العصبي: ضروري لانتقال الإشارات العصبية بين الخلايا.
- تخثر الدم: يلعب دورًا في عملية تخثر الدم لمنع النزيف الزائد.
- إفراز الهرمونات: يشارك في إفراز بعض الهرمونات والإنزيمات.
أما الفوسفور، فهو أيضًا معدن أساسي يشارك في:
- صحة العظام والأسنان: جزء أساسي من تركيبها.
- إنتاج الطاقة: يدخل في تركيب جزيئات الطاقة في الجسم (ATP).
- وظيفة الأعصاب والعضلات: ضروري لعملها السليم.
أمراض الغدد الجار درقية واضطراباتها:
أي خلل في وظيفة الغدد الجار درقية يمكن أن يؤدي إلى اضطراب في مستويات الكالسيوم والفوسفور، مما يسبب مشاكل صحية خطيرة:
1. فرط نشاط الغدة الجار درقية (Hyperparathyroidism):
- السبب: غالبًا ما يحدث بسبب تضخم أو ورم حميد في واحدة أو أكثر من الغدد الجار درقية، مما يؤدي إلى إفراز كميات زائدة من هرمون الـ PTH.
- النتيجة: ارتفاع مستويات الكالسيوم في الدم (Hypercalcemia) وانخفاض مستويات الفوسفور.
- الأعراض: قد يكون بدون أعراض في بدايته، ولكن مع ارتفاع الكالسيوم يمكن أن يسبب:
- على العظام: هشاشة العظام، آلام العظام والمفاصل، زيادة خطر الكسور (بسبب سحب الكالسيوم منها).
- على الكلى: حصوات الكلى المتكررة، زيادة التبول والعطش.
- على الجهاز الهضمي: إمساك، غثيان، فقدان شهية، ألم في البطن.
- أعراض عامة: تعب، ضعف، اكتئاب، مشاكل في التركيز والذاكرة.
- في الحالات الشديدة: اضطرابات في ضربات القلب، ضعف عضلي شديد، تشوش ذهني.
2. قصور الغدة الجار درقية (Hypoparathyroidism):
- السبب: غالبًا ما يحدث نتيجة لتلف الغدد الجار درقية أثناء جراحة الغدة الدرقية، أو بسبب أمراض المناعة الذاتية، أو عوامل وراثية نادرة.
- النتيجة: انخفاض مستويات هرمون الـ PTH، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات الكالسيوم في الدم (Hypocalcemia) وارتفاع مستويات الفوسفور.
- الأعراض: ترتبط بشكل أساسي بانخفاض الكالسيوم، وتشمل:
- تكزز (Tetany): تشنجات عضلية مؤلمة، خاصة في اليدين والقدمين والوجه، وقد تشمل الحلق مسببة صعوبة في التنفس.
- تنميل ووخز: شعور بالوخز والخدران في الأصابع، أصابع القدم، وحول الفم.
- تشنجات عضلية لا إرادية.
- أعراض عصبية: قلق، اكتئاب، صداع، وفي الحالات الشديدة نوبات صرع.
- مشاكل أخرى: جفاف الجلد، هشاشة الأظافر، تساقط الشعر، مشاكل في الأسنان، وفي حالات مزمنة قد يؤدي إلى إعتام عدسة العين ومشاكل في القلب.
خلاصة:
باختصار، تلعب الغدد الجار درقية دورًا حيويًا في تنظيم مستويات الكالسيوم والفوسفور في الجسم عبر إفراز هرمون الباراثورمون. هذا التوازن الدقيق ضروري لعمل العظام، العضلات، الأعصاب، والعديد من الأنظمة الحيوية الأخرى، وأي خلل فيه يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات صحية خطيرة تتطلب التشخيص والعلاج المناسبين.
التسميات
غدد