أضرار عملية ختان الذكور: تقييم شامل للمخاطر المحتملة
عملية ختان الذكور (Circumcision) هي إجراء جراحي يتم فيه إزالة القلفة، وهي الطية الجلدية التي تُغطي رأس القضيب (الحشفة). تُجرى هذه العملية لأسباب دينية، ثقافية، صحية، أو شخصية في أجزاء مختلفة من العالم. بينما تُقدم بعض الدراسات فوائد صحية محتملة للختان، إلا أن أي إجراء جراحي لا يخلو من المخاطر والأضرار المحتملة. من الضروري فهم هذه المخاطر لضمان اتخاذ قرار مستنير وتقديم رعاية مناسبة.
يهدف هذا الموضوع إلى تقديم تقييم شامل لأضرار عملية ختان الذكور، سواء كانت على المدى القصير أو الطويل.
1. المخاطر والأضرار قصيرة المدى (خلال العملية وفترة الشفاء المباشرة):
هذه المضاعفات تحدث عادةً خلال العملية نفسها أو في الأيام والأسابيع القليلة التي تليها:
- النزيف (Bleeding): يُعد النزيف أحد أكثر المضاعفات شيوعًا، ويتراوح من نزيف خفيف يمكن التحكم فيه بضغط بسيط إلى نزيف أكثر شدة يتطلب تدخلًا جراحيًا أو خياطة. يكون الخطر أكبر لدى الأطفال حديثي الولادة بسبب صغر حجم الأوعية الدموية وحساسية الأنسجة.
- العدوى (Infection): يمكن أن تحدث العدوى في موقع الجراحة، وتتراوح من عدوى سطحية خفيفة (تتطلب مضادات حيوية موضعية أو فموية) إلى عدوى بكتيرية أشد خطورة (مثل التهاب الهلاعية أو التهاب النسيج الخلوي)، والتي قد تتطلب دخول المستشفى والمضادات الحيوية الوريدية. في حالات نادرة جدًا، يمكن أن تتطور العدوى إلى حالات خطيرة مثل الغرغرينا أو الإنتان (Sepsis).
- الألم (Pain): على الرغم من استخدام التخدير الموضعي أو العام، إلا أن العملية مؤلمة وقد يشعر الطفل أو الشخص البالغ بالألم بعد زوال مفعول التخدير. قد يكون الألم شديدًا ويستمر لعدة أيام، مما يتطلب مسكنات الألم.
- تلف القضيب أو الحشفة (Damage to the Penis or Glans): هذه من أندر وأخطر المضاعفات، وتشمل:
- تلف الحشفة: قطع جزء من الحشفة أو حرقها (إذا استخدمت طريقة الكي الكهربائي).
- تلف الإحليل: إصابة مجرى البول، مما قد يؤدي إلى تضيقه (تضيق الإحليل) أو تكون ناسور (Fistula).
- قطع جزء كبير جدًا أو قليل جدًا من القلفة: إزالة قلفة أكثر من اللازم يمكن أن تُسبب شدًا في الجلد وقد يُؤثر على وظيفة القضيب أو شكله، بينما إزالة قليل جدًا قد تتطلب عملية ختان ثانية.
- تكون الجسور الجلدية (Skin Bridges): التصاق القلفة المتبقية أو الجلد المحيط برأس القضيب.
- التهاب الحشفة أو الإحليل (Balanitis or Urethritis): التهاب رأس القضيب أو مجرى البول نتيجة للإجراء أو للعدوى اللاحقة.
- مضاعفات التخدير (Anesthesia Complications): مثل ردود الفعل التحسسية، أو مشاكل في الجهاز التنفسي، أو تأثيرات جانبية نادرة للتخدير العام، خاصة عند الرضع أو الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية كامنة.
2. المخاطر والأضرار طويلة المدى:
يمكن أن تظهر هذه المضاعفات بعد أسابيع أو شهور أو حتى سنوات من العملية:
مشاكل جمالية أو تجميلية (Cosmetic Issues):
- عدم التماثل: القلفة المتبقية غير المتساوية أو شكل القضيب غير المتناسق بعد الختان.
- إزالة الكثير من الجلد: قد يُسبب هذا شدًا على القضيب، أو ما يُعرف بـ "القضيب المدفون" (Buried Penis) في بعض الحالات.
- إزالة القليل من الجلد: قد يؤدي إلى الحاجة لعملية ختان ثانية.
مشاكل حسية (Sensory Changes):
- انخفاض حساسية القضيب: تُعد القلفة نسيجًا حساسًا يحتوي على نهايات عصبية مهمة للإحساس الجنسي. إزالتها قد تُقلل من الإحساس في رأس القضيب، خاصة عند بعض الأفراد. هذا التأثير موضوع جدل كبير في الأوساط العلمية، حيث تُظهر بعض الدراسات انخفاضًا في الحساسية بينما لا تُظهر أخرى فرقًا كبيرًا.
- تغيرات في الملمس أو الشعور أثناء النشاط الجنسي.
مشاكل وظيفية (Functional Issues):
- تضيق فتحة الإحليل (Meatal Stenosis): تضييق فتحة مجرى البول عند طرف القضيب، والتي يمكن أن تحدث بسبب تعرض رأس القضيب باستمرار للهواء والاحتكاك بعد إزالة القلفة، مما يؤدي إلى التهاب مزمن وتضيق. هذا قد يُسبب صعوبة في التبول أو انحراف في مجرى البول.
- القضيب المدفون (Buried Penis): حالة لا يظهر فيها جزء كبير من القضيب بوضوح خارج الجسم بسبب التصاق الجلد أو الدهون المحيطة، وقد تكون هذه مشكلة وظيفية أو جمالية بعد الختان غير المناسب.
- مشاكل في النظافة: في حالات نادرة، إذا لم تُجرَ العملية بشكل صحيح، قد تتجمع البقايا تحت الجلد المتبقي أو في مناطق غير قابلة للتنظيف بسهولة.
المشاكل النفسية أو العاطفية (Psychological/Emotional Issues):
خاصة عند إجراء الختان في سن متأخرة أو دون موافقة الشخص. قد يُعاني البعض من:
- الندم أو الغضب على فقدان جزء من الجسم.
- مشاكل في صورة الذات أو الثقة بسبب المظهر المتغير للقضيب.
- القلق أو الاكتئاب المتعلق بالعملية أو عواقبها.
3. عوامل تزيد من خطر المضاعفات:
تزداد مخاطر الختان في ظل ظروف معينة:
- عمر الطفل: يُعتقد أن خطر المضاعفات يكون أقل في فترة حديثي الولادة (الأيام الأولى بعد الولادة) مقارنة بالأطفال الأكبر سنًا أو البالغين، بسبب خصائص الأنسجة وشفاء الجروح.
- خبرة الجراح: يُعد الجراح ذو الخبرة القليلة أو غير المدرب تدريبًا كافيًا عامل خطر رئيسي لجميع المضاعفات.
- تقنيات الختان: بعض التقنيات قد تكون أكثر عرضة لمضاعفات معينة (مثل استخدام جهاز clamp مقابل طريقة الجراحة المفتوحة).
- الرعاية بعد العملية: عدم كفاية الرعاية بعد الجراحة أو عدم اتباع التعليمات الطبية يزيد من خطر العدوى والمضاعفات الأخرى.
- الحالات الصحية الكامنة: وجود اضطرابات النزيف، أو مشاكل في التئام الجروح، أو أمراض مناعية، أو تشوهات خلقية في القضيب (مثل الإحليل التحتي Hypospadias) تزيد بشكل كبير من مخاطر الختان. يجب عدم إجراء الختان في حالات الإحليل التحتي حتى يُصحح هذا التشوه جراحيًا، حيث قد تُستخدم القلفة في عملية الترميم.
4. منظور الجدل حول الختان:
الجدل حول ختان الذكور يركز غالبًا على موازنة الفوائد الصحية المحتملة (مثل تقليل خطر الإصابة بعدوى المسالك البولية في الطفولة، وبعض الأمراض المنقولة جنسيًا مثل فيروس نقص المناعة البشرية، وبعض أنواع سرطان القضيب) مقابل المخاطر والأضرار المذكورة. تختلف وجهات النظر بين المنظمات الصحية والأفراد بناءً على الأدلة العلمية، القيم الثقافية، والمعتقدات الشخصية.
خلاصة:
عملية ختان الذكور، مثل أي إجراء جراحي، لا تخلو من المخاطر. بينما تكون معظم المضاعفات خفيفة ومؤقتة، إلا أن هناك احتمالية لظهور مضاعفات خطيرة وقصيرة أو طويلة الأمد قد تؤثر على صحة الطفل أو البالغ ورفاهيته. يُعد اتخاذ القرار بشأن الختان مسؤولية شخصية، ويجب أن يتم بعد استشارة طبية دقيقة تُوضح الفوائد والمخاطر المحتملة، مع مراعاة الحالة الصحية للفرد والعوامل الثقافية والدينية.
التسميات
ختان