تشريح جهاز التناسل الأنثوي.. الرحم موضوعة عند آخر فقار الظهر بين المثانة والمعي المستقيم الذي يقال أنه الأعور

يذكر القرطبي في كتابه عن تشريح جهاز التناسل الأنثوي ونجد فيه وصفا تشريحيا عاماً للرحم حيث يقول:
"الرحم موضوعة عند آخر فقار الظهر بين المثانة والمعي المستقيم الذي يقال أنه الأعور, والمعي فوقها والمثانة تحتها وهي معلقة برأس الصفاق.. وطول الرحم في أكثرهن أحد عشر أصبعا وعرضها قدر ما بين الأرنبتين وهي شبه الكير تنضم وتتسع عند الحاجة إلى اتساعها وانضمامها ولها رباطات واسعة مسلسلة ليسهل تمددها عند الولادة، ولها عروق من فوقها مشتبكة على الرحم مطبقة بها فيتبطن فيها ويتظاهر عليها، وهذه العروق يجري إليها دم الحيض، وللرحم عنق كهيئة الحلقوم من لحم شديد عضلي طوله ستة أصابع في أكثر النساء، وله فم يقذف منه الحيض ويقبل منه المني ومنه يخرج الجنين عند الولادة.. وللرحم في داخلهما بطنان وزائدتان تسميان قرني الرحم.. وخلف هاتين الزائدتين بيضتا المرأة هما أصغر من بيضتي الرجل وأكثر إلتطاء، وتتصل بالرحم عروق من القلب والدماغ والكبد.. والتي تلد منهن فرحمها أكبر ومن لم تلد كان رحمها أصغر وأضيق".
أما ابن سينا فيورد وصفا تشريحيا دقيقا لجهاز التناسل الأنثوي يكاد يماثل التوصيف العام الحديث لطبقات وملحقات الرحم ووظيفة كل جزء منه حيث يصف الطبقة الداخلية للرحم ويصفه بأنه غني بالأوعية الدموية  التي تغذي الجنين حيث يقول:
"آلة التوليد التي للإناث هي الرحم.. والبيضتان للنساء.. صغيرتان مستديرتان إلى شدة تفرطح باطنتان في الفرج موضوعتان عن جنبيه في كل جانب من قعره واحدة متمايزتان يختص بكل واحدة منهما غشاء لا يجمعهما كيس واحد وغشاء كل واحدة منهما عصبي, وأوعية المني يميل من البيضتين إلى الخاصرتين كالقرنين مقوسين شاخصين إلى الحالبين يتصل طرفاهما بالأربيتين.. وإنما اتصلت أوعية المني في النساء بالبيضتين لأن أوعية المني في النساء قريبة في اللين من البيضتين ولم يحتج إلى تصليبهما وتصليب غشائهما لأنهما في كن ولا يحتاج إلى زرق بعيد، خلقت الرحم ذات عروق كثيرة تشعب من العروق التي ذكرناها لتكون هناك عدة للجنين وتكون للفضل الطمثي مدرة وربطت الرحم بالصلب برباطات قوية كثيرة إلى ناحية السرة والمثانة والعظم العريض فما فوقه لكنها سلسلة.
ومن رباطاتها ما يتصل بها من العصب والعروق المذكورة في تشريح العصب والعروق وجعلت من جوهر عصبي له أن يتمدد كثيراً عند الاستعمال وأن يجتمع إلى حجم يسير عند الوضع وليس يستتم تجويفها إلا عند استتمام النمو، وخلقت الرحم من طبقتين باطنتهما أقرب إلى أن تكون عرقية وخشونتها كذلك وفوهات هذه العروق هي التي تتنقر في الرحم وتسمى نقر الرحم وبها تتصل بأغشية الجنين ومنها يسيل الطمث ومنها يغتذي الجنين وظاهرتهما أقرب إلى أن تكون عصبية, وكل طبقة منهما قد تنقبض وتنبسط باستعداد طباعها.
والطبقة الخارجة ساذجة واحدة والداخلة كالمنقسمة قسمين كمتجاورين لا كملتحمين لو سلخت الطبقة الظاهرة عنهما انسلخت عن مثل رحمين لهما عنق واحد لا كرحم واحدة وتجد أصناف الليف كلها في الطبقة الداخلة.
وإذا قيل الرحم عصبانية فليس نعني بها أن خلقها من عصب دماغي بل أن خلقها من جوهر يشبه العصب أبيض عديم الدم لدن ممتد، وإنما يأتيها من الدماغ عصب يسير يحس به.
ورقبة الرحم عضلية اللحم كلها غضروفية كأنها غصن على غصن يزيدهما السمن صلابة وتغضرفاً والحمل أيضاً في وقت الحمل وفيها مجرى محاذية لفم الفرج الخارج ومنها تبلغ المني وتقذف الطمث وتلد الجنين وتكون في حال العلوق في غاية الضيق لا يكاد يدخلها طرف ميل ثم تتسع بإذن الله تعالى فيخرج منها الجنين.
وقبل افتضاض الجارية البكر يكون في رقبة الرحم أغشية تنتسج من عروق ومن رباطات رقيقة جداً ينبت من كل غصن منها شيء يهتكها الافتضاض ويسيل ما فيها من الدم."
أحدث أقدم

نموذج الاتصال