الإجهاض.. تدخل الإنسان لإيقاف الحمل إذا تبين أن استمراره يكون خطراً على حياة الأم



يمنع الإسلام استخدام أي وسيلة لإيقاف الحمل؛ لاعتباره أن الحياة الإنسانية حيَّةٌ مقدسة لا يجوز الاعتداء عليها.
يقول الله تعالى: "وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ التي حَرَّمَ اللهُ إلا بالحَق." [سورة الإسراء: الآية 33].

ويقول تعالى: " من أجْل ذلكَ كَتَبْنَا علَى بَني إسْرائيلَ أنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسَاً بغَيْر نَفْس أوْ فَسَاد في الأرْض فَكأنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جميعَاً وَمَنْ أحْيَاها فَكَأَنَّمَا أحْيَا النَّاسَ جميعاً". [سورة المائدة: الآية 32].

والإسلام يحرّم تدخل الإنسان لإيقاف الحمل، وليس الإجهاض إلا العمل المقصود لإيقاف الحمل. ويعتبر الإجهاض اعتداءً إجرامياً على الحياة الإنسانية.

ولقد دلت الدراسات الحديثة أن الجنين يأخذ جميع المواصفات الخلقية للإنسان في غضون الأسابيع الثمانية الأولى من الحمل. ولا يعتبر توقف الحمل لأسباب حيوية أو مرضية إجهاضاً، لأن ذلك يحدث بدون تدخل الإنسان المقصود.

وإذا تبين أن استمرار الحمل يكون خطراً على حياة الأم، فحياة الأم مقدمة على حياة الجنين، وحينئذ يسمح بالإجهاض، ولا شك أن هذا الفعل لا يؤثر عملياً على كيان الأسرة، فالاعتداء على جنين لم يلد بعد لا يمكن مقارنته بالتضحية بالأم التي تعتبر الركن الأساسي في كيان الأسرة.

ويلفت الإمام الغزالي رحمه الله (1058-1111 م) النظر إلى الفرق بين منع الحمل والإجهاض؛ فيقول: ليس هذا كالإجهاض والوأد؛ لأن ذلك جناية على موجود حاصل، وله أيضاً مراتب، وأول مراتب الوجود بأن تقع النطفة في الرحم، وتختلط بماء المرأة وتستعد لقبول الحياة، وإفساد ذلك جنايةٌ. فإن صارت مضغةً وعلقةً، كانت الجناية أفحش، وإنْ نُفخَ فيه الروح واستوت الخلقة، ازدادت الجناية تفاحشاً، ومنتهى التفاحش في الجناية بعد الانفصال حياً.

وفي الجاهلية قبل الإسلام، كان من عادات العرب أن يئدوا البنات (أي يدفنوهن أحياء) ولقد حرَّمَ الإسلامُ هذه العادة المشينة بصورة قطعية، فقال تعالى: "وَلا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلاق، نحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإيَّاكـُمْ، إنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خطْئَاً كبيراً" [سورة الإسراء: الآية 31].
ويقول تعالى: "وَإذَا المَوْؤُدَةُ سُئلَتْ* بأَي ذَنْب قُتلَتْ" [سورة التكوير: الآية 8-9].

ويرُدُّ بعض العلماء على الذين يبيحون الإجهاض بحجة أن المرأة لها الحرية بأن تفعل في جسدها ما تشاء، فيقولون بأن هناك فرقاً بين أن تفعل في جسدها ما تشاء وأن تقضي على جسد جنينها الذي يتمتع بحياة مستقلة تماماً عن حياتها، ولا يحق لها أبدا الاعتداء على حياة الغير بدون سبب مشروع.

ولا يُقرُّ الإسلام إباحة الإجهاض الذي تسمح به بعض الدول لأي سبب من الأسباب، ويدين هذا الفعل إدانة كاملةً.

ويكفي أن نذكر أنه يجري في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من مليوني عملية إجهاض سنوياً، وأنه يجري في بريطانيا أكثر من (500) عملية إجهاض يومياً.

بينما يُقَدَّر عدد عمليات الإجهاض الإرادية في فرنسا بـ (600) عملية يومياً مقابل (2000) عملية إجهاض غير معلنة قبل صدور قانون S.Veil.

وتقول الإحصاءات أن ما لا يقل عن (13) امرأة على الأقل تذهبن إلى إسبانيا أو هولندة أو الدانمارك أو النروج للإجهاض يومياً.