أبو محمد عبد الله بن أحمد بن البيطار.. دراسات عملية قائمة على التجربة والمشاهدة كأساس لدراسة النبات والأعشاب والأدوية



يُعَدُّ أبو محمد عبد الله بن أحمد بن البيطار (646هـ، 1248م) أكثر علماء النبات المسلمين إنتاجًا وأدقهم في فحص النباتات في مختلف البيئات والبلدان.

فقد تجوّل في كثير من أقطار العالم المعروف آنذاك رغبة في جمع الحشائش والنباتات، وعني بدراسة كل نبات في زمانه وبيئته.

وقد أدى ذلك المناخ العلمي والفكري الملائم وازدهار العلم الطبي الذي عاش ابن البيطار في كنفه ـ إلى نبوغه العلمي.

تتلمذ ابن البيطار بعد ذلك على عدة علماء نبات، حيث اطَّلع على كل ما تُرْجِمَ من كتب اليونانيين وعلوم الأوائل من غير العرب، وقد ساعده على ذلك معرفته بعدد من اللغات كالفارسية واليونانية، حيث درس كتب ديسقوريدس Disokurides وجالينوس Galenos وأبقراط وابن سينا والإدريسي وأبي العباس النباتي دراسة مستفيضة حتى أتقنها تماما وشرح النقاط الغامضة فيها وعلق على مآثرها.

 في هذا الجوِّ العلمي الرائع ظهرت مؤلَّفات ابن البيطار الرائدة في علم النبات والصيدلة؛ منها كتابه: (الجامع لمفردات الأدوية والأغذية) الذي ألَّفه بعد دراسات عملية، قائمة على التجربة والمشاهدة كأساس لدراسة النبات والأعشاب والأدوية.

ويلي كتاب الجامع من حيث الأهمية كتاب المغني في الأدوية المفردة، ويقسم إلى عشرين فصلاً، ويحتوي على بحث الأدوية التي لا يستطيع الطبيب الاستغناء عنها، ورتَّبت فيه الأدوية التي تعالج كل عضو من أعضاء الجسد ترتيباً مبسطاً وبطريقة مختصرة ومفيدة للأطباء ولطلاب الطب، ويوجد منه العديد من النسخ المخطوطة.

اكتشف ابن البيطار أحد أوائل الأدوية العشبية المعالجة للسرطان، وهي عشبة "الهندباء" Dandelion، وقد أثبتت هذه النبتة نجاحها في العلاج لامتلاكها خصائص مضادة للسرطان وعلاج الأورام الخبيثة.

 بالرغم من أن بعض علماء الغرب يحاولون النيل من علماء المسلمين، وإنكار أياديهم البيضاء في تأسيس العلوم، إلا أننا نرى كتب ابن البيطار شاهدة على عبقريته.. وبصمته العميقة في صفحات التاريخ لا يمكن لأحد طمسها.