كتاب المغني في الأدوية المفردة.. الاتسام بالنزعة النقدية مع الالتزام الكامل بالموضوعية والنزاهة العلمية من خلال مناقشة آراء السابقين من العلماء والأطباء والعشَّابين



كتاب المغني في الأدوية المفردة:
يلي كتاب الجامع من حيث الأهمية، ويقسم إلى عشرين فصلاً، ويحتوي على بحث الأدوية التي لا يستطيع الطبيب الاستغناء عنها، ورتَّبت فيه الأدوية التي تعالج كل عضو من أعضاء الجسد ترتيباً مبسطاً وبطريقة مختصرة ومفيدة للأطباء ولطلاب الطب، ويوجد منه العديد من النسخ المخطوطة.

وقد اتَّسم أسلوب ابن البيطار العلمي بالنزعة النقدية، مع التزامه الكامل بالموضوعية والنزاهة العلمية، ويتَّضح ذلك من خلال مناقشته لآراء السابقين عليه من العلماء والأطباء والعشَّابين، فلقد نقدهم في عدَّة أمور، وكان نقده بَنَّاءً؛ فهو يرفض الآراء التي يَثْبُتُ أن ناقلها قد انحرف عن سواء السبيل ومنهج العلماء السليم، أو لأنها لم تَثْبُتُ أمام مقاييسه العلمية التي يعتمد عليها، وهو لا يكتفي برفضها، بل إنه يتجاوز الرفض إلى توجيه النقد الشديد إلى الناقل أو القائل؛ لأنه افترى على الحقِّ.

وأكبر دليل على نزعته النقدية كتابه: (الإبانة والإعلام بما في المنهاج من الخلل والأوهام)، الذي نقد فيه كتاب (منهاج البيان فيما يستعمله الإنسان).

وهو الكتاب الذي جمع فيه ابن جزلة (ت493هـ) الأدوية والأغذية والأشربة؛ حيث نبَّه ابن البيطار على أخطائه، وما غلط فيه من أسماء الأدوية؛ حيث يقول في مُقَدِّمَتِه: "أمَّا بعد فإنه ما أشار عليَّ - مَنْ خَلُصَتْ بإرادة الخير لي نِيَّتُه، وندبني إلى ما رجوت- أن أتعرض لبعض الكتب الموضوعة في الحشائش والأدوية المفردة، فأستطلع بسائط أدويته، وأتعقب ما جرى فيها من التباس أو غلط، وأُعْلِمُ بما وقع فيه من الأوهام في الأسماء والمنافع، فوضعتُ في ذلك مقالة تشتمل معناها على وفاء المقصود، معتمِدًا على يقين صحيح، أو تجربة مشهودة، أو علم متحقّق".

وهو معجم في الأدوية المفردة مثل كتاب الجامع إلا أنه مرتب بحسب أعضاء الجسد ترتيبا مبسطا، وقسّمه إلى عشرين فصلا بحسب الأعضاء، وضمن كل فصل الأدوية المفردة الصالحة لأمراض العضو المُتحَدث عنه والتي لا يستطيع الطبيب الاستغناء عنها، وبطريقة مختصرة مفيدة للأطباء وطلاب الطب.

والطريقة المتبعة في تأليفه وجمعه هي الطريقة نفسها المتبعة في كتاب الجامع.
والكتاب - على أهميته - لا يزال مخطوطا، ومنه نسخ كثيرة موزعة في مكتبات العالم.

ويمكن القول بأن "المغني" هو "الجامع" مقلوبا أو منكوساً.
الأول ينطلق من التاريخ الطبيعي للنبات، والثاني من استعمالاته في العلاج.

وتجدر الإشارة هنا أن كتاب "المغني" جاء لاحقا لتأليف الجامع لمفردات الأدوية و الأغذية فاشتمل على العديد من الوثائق الجديدة.

يوجد المغني بالعديد من المكتبات، وخصوصا بباريس: رقم 1008 بالقسم القديم، ورقم 1029 بالقسم العربي.
فبعد ذكره للراحل الملك الكامل، أهدى المؤلف كتابه للملك الصالح نجم الدين خلفه.

و ينقسم الكتاب إلى عشرين فصلا، نقدم منها الأولى والأخيرة:
1- المفردات المستعملة لعلاج الرأس.
2- المفردات المستعملة لعلاج الأذن.
3- المفردات المستعملة لعلاج أمراض العيون..
17- المفردات المستعملة في التزيين.
18- المفردات المستعملة ضد الحمى وفساد الهواء.
19- المفردات المستعملة ضد السموم.
20- المفردات الأكثر استعمالا في الطب.

وليس المغني سوى مذكرة لعلم المداواة، تزخر بدورها بالحجج و الاستشهادات، وهكذا نجد الحديث هنا عن أبي القاسم خلف بن العباس الزهراوي ، المعروف بـ"Aboulcasis"، أكثر مما هو عليه في الجامع. و يتوسع الكاتب في المغني ليعطي أحيانا معلومات عن الأدوية التي أثارت انتباهه أكثر.

ونستشهد هنا بملاحظته في مرض الجدري بقوله: "و متى ظهرت الحبوب في الطفل، يجب دلك باطن القدمين بالحناء، وبهذا نكون على يقين من أن الحبوب لن تظهر في العينين كما سبق لي ملاحظة ذلك مرارا و تكرارا".

ويفتقر المغني إلى تفاصيل الأمراض افتقاره إلى المعلومات عن النباتات، ألا أننا وجدنا في المغني أحداثا لم تُذكر بالجامع ساعدتنا في رسم معالم حياة ابن البيطار.