ابن البيطار.. رئيس العشابين (علماء النبات وتحضير الأدوية) في مصر. النبوغ في علمي النبات والصيدلة



يُعَدُّ أبو محمد عبد الله بن أحمد بن البيطار (646هـ، 1248م) أكثر علماء النبات المسلمين إنتاجًا وأدقهم في فحص النباتات في مختلف البيئات والبلدان.

فقد تجوّل في كثير من أقطار العالم المعروف آنذاك رغبة في جمع الحشائش والنباتات، وعني بدراسة كل نبات في زمانه وبيئته.

وقد ألّف كتبًا كثيرة أهمها الجامع لمفردات الأدوية والأغذية، وكان أوسع وأهم كتاب في الصيدلة وعلم النبات طوال الحقبة الممتدة من ديسقوريدس إلى القرن السادس عشر الميلادي.
وقد ذكر في هذا الكتاب نحوًا من 1500 صنف من الأدوية الحيوانية والنباتية والمعدنية، من بينها 300 صنف جديد اكتشفها بنفسه.

ولعلّ أهم ما يميز هذا الكتاب منهجه العلمي, وكان يرى أن المتقدمين وقعوا في أخطاء "لاعتماد أكثرهم على الصحف والنقل" أما هو فكما يقول عن نفسه: "واعتمادي على التجربة والمشاهدة".

عندما وصل إلى مصر عينه صلاح الدين الأيوبي رئيسًا للعشابين (علماء النبات وتحضير الأدوية).
ولما وصل إلى دمشق عينه الملك الكامل بن العادل رئيسًا للعشابين أيضًا.

ورتّب ابن البيطار مفردات كتابه ترتيبًا ألفبائيًا، وضع لكل مفردة مقابلها باللغات السائدة آنذاك، وتُرجم هذا الكتاب إلى اللاتينية والتركية والألمانية والفرنسية.

اتَّسم العلماء المسلمون بسمة مميِّزة ألا وهي موسوعيتهم، ففي كل فروع المعرفة صنَّفوا، وقلَّما اقتصر إنتاج العالم منهم على تخصُّص واحد، بل كان يتناول شتى فروع المعرفة في مؤلفاته، وإن كان بعضهم قد ذاع صيته في مجال مُعَيَّن، بجانب ما يُجِيد من المجالات الأخرى.

ومن أشهر هؤلاء العلماء الذين نبغوا في علمي النبات والصيدلة العالم العبقري الفذُّ ابن البيطار، الذي يُعَدُّ رائدًا من رُوَّاد هذين العِلْمَيْن؛ لِمَا قدَّمه من إسهامات عظيمة غيَّرت مجرى البحث فيهما.

لذلك قال عنه ابن أبي أصيبعة: "هو الحكيم الأجل العالم النباتي.. أوحد زمانه، وعلامة وقته في معرفة النبات وتحقيقه واختياره، ومواضع نباته، ونعت أسمائه على اختلافها وتنوُّعها".