القيمة العلمية لكتاب الجامع لمفردات الأدوية والأغذية لابن البيطار.. أعظم كتاب عربي في علم النبات



جاء في كتاب (مآثر العرب على الحضارة الأوروبية): "ويدل هذا المؤلَّف – يقصد كتاب الجامع – على سعة العلم وقوة الملاحظة، وهو أعظم كتاب عربي في علم النبات، وظل ابن البيطار المرجع الأصلي في علم النبات حتى القرن السادس عشر، وجعل منه أعظم نباتي وصيدلي في القرون الوسطى".

ويقول الدكتور عبد الحليم منتصر في كتابه (تاريخ العلم ودور العلماء العرب في تقدمه): "إلا أن الذي لا مراء فيه أن مفردات ابن البيطار تغلب فيها المادة الطبية التي أجهد نفسه في جمعها وترتيبها وتبويبها، وإنه ليحوي كثيرا من المعلومات المفيدة التي تحتاج إلى متخصصين يعنون بتحقيقها وتعريف الناس بها، وقد تميز ابن البيطار في مفرداته بسلامة العرض وأمانة النقل".

ويقول صاحب كتاب (الفكر الإسلامي منابعه وآثاره) M.M.Shnrif في الترجمة العربية للدكتور أحمد شلبي: "وابن البيطار الدمشقي (1248م) مؤلف كتاب الأدوية المفردة، وهي مجموعة من الوصفات الطبية التي أثبتت نجاحا عظيما في الشرق والغرب، وكانت من أسس علم العقاقير، وقد ترجمت إلى اللاتينية بعنوان: Simblicib، وطبعت ثلاثا وعشرين مرة خلال القرن الخامس عشر وبعده، واستعمل هذا الكتاب في تكوين أول صيدلية انجليزية أعدتها كلية الطب في عهد جيمس الأول، وظلت بعض أجزاء هذا الكتاب موضع العناية فترة طويلة، فقد أعيد نشرها في مدينة كريمونا سنة 1758م".

ويلخّص جابر الشكري في كتابه (الكيمياء عند العرب) آراء علماء العصر الحديث حول الكتاب بقوله: "لقد ذاع صيت هذا الكتاب وعلا شأنه، ولا يزال المرجع المفضل في دراسة علم الأعشاب والأدوية المفردة".

هذه الأقوال تلقي لنا أضواء كاشفة عن قيمة كتاب الجامع في ميدان الصيدلة في العصور الوسطى، وإلى زمن يمتد إلى القرن الثامن عشر، بدليل إعادة طبعه في مدينة كريمونا سنة 1758م، وهي تعطي لنا فكرة واضحة عن المكانة العظيمة اللتي احتلها الكتاب، إذ كان مرجعا هاما للأطباء في كل عصر، فضلا عن أثره العميق في كل ما أُلف من كتب في ميدان الصيدلة في العصور التالية.

ترجم هذا الكتاب إلى عدة لغات، وكان يُدرس في معظم الجامعات الأوروبية حتى عهود متأخرة، وطبع بعدة لغات وبعدة طبعات، وفي اللغة العربية طبع عام 1874م بمصر في أربعة أجزاء، ونشرته دار صادر في بيروت عام 1980م في مجلدين، ويوجد العديد من المخطوطات لهذا الكتاب موزعة في عدد من مكتبات العالم ومتاحفها.

و لقد بولغ في عدد الأدوية المذكورة والأغذية الجديدة، وتجدر الإشارة هنا أن الأمر يتعلق بالأغذية والأدوية في نفس الوقت، وهذا ما يُنسى عادة.

ذهب "هوتنجر" [Hottinger] إلى القول بأن في الجامع أكثر من 2000 مجهولة عند ديسقوريدس.
و تبقى هذه المبالغة تتكرر.
وسندلي هنا بحقيقة الأمر و بالأرقام. من ضمن 2330 مادة ، نجد الثلث من الأسماء المترادفة.

ومن 1400 الباقية يعتبر الربع منها جديدا، وإذا اعتبرنا حوالي الألف من الأدوية المأخوذة عن الإغريق، يبقى ما يقارب الثلاثمائة دواء أو غذاء جديد عند ابن البيطار.

وهذا ما نستنتجه من جرد قائمة لمحتوى الكتاب.
وإذا استثنينا من هذه الأرقام عدد الأدوية و الأغذية المنتمية إلى الحيوان و الجماد، لا يبقى عندنا سوى 200 نبات جديد.

وهكذا نرى أننا أبعد ما نكون من الأرقام الخيالية التي قـُدِّمـَت عن مواد الكتاب في غياب الإسقاطات اللآزمة، وهذا تقدم لا يستهان به يحققه ابن البيطار في ميدانه.