قيود زراعة الأعضاء.. نقل الدم. تشريح الميت. نقل العين وتلقيح القرنية. نقل الكلية. وصل العظم بعظم غير الآدمي. نقل الجلد من إنسان لآخر أو من إنسان لنفسه. نقل القلب. العمليات الجراحية



حكم نقل الدم: 
يجوز نقل الدم من إنسان لآخر بشروطه الطبية المقررة في علم الطب وشروطه الشرعية التي ستأتي.
حكم تشريح الميت:
يجوز تشريح الميت بالقيود والشروط المعتبرة في علم الطب لكشف جريمة أو التعرف على نوعية مرض وآثاره ومنشأه أو للتعليم بقدر الضرورة بلا تعد وبالشروط التي ستأتي.
حكم نقل العين وتلقيح القرنية:
يجوز نقل عين الإنسان لترقيع القرنية عند إنسان آخر، بشرط أن يكون المنقول منه موافقاً على ذلك قبل موته كما سيأتي وببقية الشروط الآتية. 
حكم نقل الكلية:
يجوز نقل الكلية من إنسان لآخر إذا كان الجسم يقبلها ويمكن أن يعيش بها مع ما يأتي من الشروط . 
حكم وصل العظم بعظم غير الآدمي:
يجوز وصل عظم الإنسان بعظم غير آدمي وخنزير ولو كان نجساً إذا لم يجد غيره.
حكم نقل الجلد من إنسان لآخر أو من إنسان لنفسه:
لا يجوز إلا في بعض صور جزئية قليلة الوقوع وعند وقوعها يُنظر فيها وتُعطى حكماً ، بحسب الغاية أو القصد وقدر الضرورة.
حكم إجراء هذه العمليات الجراحية:
يجوز إجراء مثل هذه العمليات وغيرها مما ذكره الفقهاء بشروطها المعتبرة عند الضرورة ، ومن شروطها أن يقول الأطباء إنه ينجو أو قد ينجو وقد يموت أما إذا قالوا إنه لا ينجو فلا يجوز إجراؤها.
حكم نقل القلب:
يجوز نقل قلب إنسان لإنسان آخر. نقول إن عملية زرع القلب ليست مباحة إباحة مطلقة يقوم بإجرائها الأطباء المتخصصون لمن يريدون من المرضى، فعملية نقل القلب لا تزال غامضة خطيرة ليست مأمونة العاقبة ، مع أن هذه العملية لم تحدث إلا مرات معدودة، وأكثرها لم ينجح (أقول: اليوم نسبة نجاحها لا بأس بها)، لذلك نقول: لا بد من شروط كثيرة لزرع القلب وغيره من العمليات، فأولاً يشترط وجود الضرورة والتحقق من وجودها، والتحقق من أنها تؤدي إلى تلف نفس أو هلاك عضو، مع التأكد من شرط آخر وهو أن لا يوجد نوع من التداوي إلا هذا النوع وينحصر فيه الشفاء ، ويعلم أو يغلب على الظن وجود الشفاء بعدها، ويشترط أن يتأكد من قبول الجسم لنقل هذا القلب إليه، فهناك أجسام لا تقبل هذه القلوب التي تنقل إليها، وما زال العلم يقطع المراحل في البحث حتى يصل إلى غاية يمكن أن يثق الإنسان عندها بعملية زرع القلب وأنها صارت عملية مأمونة العاقبة متحققة النجاح أو مظنونته، ولا يجوز  الإقدام عليها إلا بعد الحيطة والحذر، ويشترط في حق الطبيب أن يتاكد من أن الظروف ملائمة لهذه العملية وأن وسائل نجاحها متوفرة، وأن يقتصر فيها على حالات الضرورات القصوى دون غيرها من طرق العلاج وأن يوافق صاحب القلب السليم على نقل قلبه قبل موته إلى غيره، وأن تكون الموافقة صريحة اختيارية مؤكدة وأن يكون قصده نفع غيره بنية خالصة يحتسب بها وجه الله عز وجل، و يشترط أيضاً أن نتأكد من وفاة الشخص الذي سينقل منه القلب أو غيره إلى الشخص المنقول إليه ويشترط أيضاً أن يقبل صاحب القلب المريض بنقل قلب سليم إليه، وأن تكون موافقته صريحة واختيارية بعد أن يعجز الأطباء عن علاج قلبه بأية وسيلة من الوسائل.
القيود والشروط التي لا تجوز الأحكام التي قدمناها إلا معها, وإذا أختل شرط منها ينتفي الجواز ويرجع حكم التحريم:
أولاً : وجود الضرورات التي يباح الحكم من أجلها.
ثانياً: التأكد من وجود هذه الضرورات حقيقة أو بغلبة ظن.
ثالثاً: أن يُعلم أو يغلب الظن أنه لو لم يتداوى أدى ذلك إلى الموت أو هلاك عضو من الأعضاء.
رابعاً: أن ينحصر التداوي في مثل هذا العمل وذلك بأن لا يوجد نوع من التداوي المباح يحل محل المحرم.
خامساً: يشترط أن يعلم أو يغلب على ظنه وجود الشفاء بهذا التداوي كما قال الفقهاء لمن يريد أن يجري عملية إذا قيل أنها تنجح وينجو أو أنه قد ينجو وقد لا ينجو جاز ذلك.
سادساً: التأكد من موت من يُراد نقل عينه أو قلبه أو كليته أو تشريحه، لأنه كثيراً ما يحكم الأطباء بموت إنسان وتمتد إليه الأيدي بالتشريح أو بغيره ثم يظهر بعد ذلك أنه حي فينتعش ويقوم حياً ، ويذهب حكم الأطباء بموته أدراج الرياح. فربما تجرؤا على الحكم بموت إنسان من غير تأكد ونقلوا عينه أو عضواً آخر منه قبل أن يموت وهذا فيه إيذاء له فلا يجوز الإقدام عليه إلا بعد التأكد بأقصى أنواع الوسائل الطبية والعلمية وظهور العلاقات والقرائن الدالة على موته، وعند ذلك يُحكم بموته . ويقام بنقل بعض هذه الأعضاء.
سابعاً: يشترط رضا وموافقة المنقول منه الدم أو غيره صراحة باختياره من غير إجبار وأن يكون ذلك مؤكداً.
ثامناً: ويشترط موافقة الميت على ذلك قبل موته أو موافقة أقاربه صراحة موافقة اختيارية.
تاسعاً: موافقة المنقول إليه على ذلك موافقة اختيارية مؤكدة، أو موافقة أوليائه إن كان صغيراً.
عاشراً: ويشترط في كل ذلك أن تكون العملية في حد ذاتها بقدر الضرورة أو الحاجة من غير زيادة على ذلك.
الحادي عشر: ويشترط أن يقوم الطبيب بمثل هذه العمليات في الأوقات المناسبة والظروف والأجواء الملائمة لنجاح هذه العمليات.
الثاني عشر: يشترط جمع كل الوسائل التي تؤدي إلى نجاح هذه العمليات أو تكون مساعدة للطبيب والمريض على نجاحها.
الثالث عشر: يشترط في الطبيب أن لا يهمل شيئاً من واجباته العلمية والشرعية والإنسانية.
الرابع عشر: يشترط أن يبذل في نجاح مثل هذه العمليات حسب الوسائل المتوفرة لديه ما أمكنه من طاقة وجهد وبذل واعتناء وخدمة وتضحية، حتى لا يكون مفرطاً أو مخلاً بشيء من أسباب النجاح، بحيث ينقلب ضرراً لا نفعاً ويكون بذلك قاتلاً للنفس وسبباً لعدم نجاح العملية.
الخامس عشر: يشترط أن لا يتناول صاحب هذه الأعضاء مالاً في مقابلها لأنه لا يجوز بيع الإنسان ولا بيع عضو من أعضائه ، ولو كان ميتاً فإيراد العقد عليه مُحرم ، كما لا يجوز لأقارب الميت الذي يُراد تشريحه أن يأخذوا مالاً في مقابل جثة ميتهم، لأنه لا يجوز بيع جثة الميت وكذلك لا يجوز بيع الهيكل العظمي لأجل التعلم والتعليم، بل يكتفى في التشريح للتعليم بقدر الضرورة، كما يكتفى في التعليم بهيكل واحد أو أكثر على مقدار مسؤول أمام الله تعالى عن مثل هذه التصرفات، ونخص بالذكر الأطباء المُشرحين والطلاب الذين يتعلمون منهم ، ونأمرهم بتقوى الله عز وجل وباحترام الإنسان الآدمي الذي كرمه الله تعالى وفضله على كل من سواه ونأمرهم بأن لا يتخذوه هدفاً أو آلة للعب، بل يضعون نصب أعينهم مخافة الله عز وجل وحرمة الآدمي، ويقصدون بهذا العمل تقديم النفع والعلم الصحيح لطلابهم، ويقصد الطلاب من ذلك أيضاً وجه الله تعالى بهذا التعلم وخدمة الإنسانية واضعين نصب أعينهم خوف الله تعالى وحرمة الإنسان وكرامته.
ويمكن أن يكون هناك بديل عن المال الذي يدفع في مقابلة العضو أو الجثة أو الدم وغيره من الأعضاء يمكن أن تكون هناك هبة، فمن ينتفع بذلك أو من أوليائه لأقارب أو أولياء المنقول منه، والذين يدفعون أموالاً للمؤسسات التي تقوم بحفظ الدم وغيره لينقل عند الحاجة لمن يضطر إليه، هذه الأموال لا ينبغي أن تكون ثمناً للدم ولا مقابلة له، إنما يجب أن تكون أجوراً وتكاليف تقدمها تلك المؤسسات لعمالها الذين يقومون بهذه الخدمات أو تقدمها كمصاريف لحفظ هذا الدم والأعضاء بما يتطلبه من أماكن وآلات وغير ذلك. فهو في الحقيقة جزء من ما تستحقه تلك المؤسسات لقيامها بهذه الخدمة الإنسانية وليس ثمناً للدم أو غيره.
السادس عشر: يشترط في المنقول منه العين والكلية والقلب وغيره، أو من يُراد تشريح جثته أن يكون أولاً حربياً لأنه مهدور الدم أو يكون محكوماً عليه بالقتل ردة أو قصاصاً أو لجرم آخر، ولا يجوز النقل من غير هؤلاء إلا عند عدم توافر واحد منهم ، فإذا لم يتوفر جاز النقل من الميت ويبدأ بمن توفرت فيه الشروط السابقة التي ذكرناها في المنقول منه, وهذه الشروط التي ذكرناها هي شروط شرعية لا بد من توفرها في كل عملية من هذه العمليات عند عدم وجود أسباب اضطرارية مُلجئة. أما إذا وجدت أسباب ضرورية ملجئة كحالة الحرب مثلاً فيمكن فيها أن تتلافى بعض هذه الشروط مثلاً أو يرجع الحكم فيها عند حدوثها إلى ما تقتضيه تلك الظروف، وحسبما تتطلبه تلك الملابسات، (والله يقول الحق وهو يهدي السبيل).
كذلك ما أورده الدكتور وهبة الزحيلي من إباحة التشريح ونقل الأعضاء، بعد أن أورد رأي المذاهب الأربعة الموافقة للتشريح، يتابع قائلاً: "كما يجوز نقل أعضاء الإنسان لآخر كالقلب والعين إذا تأكد الطبيب المسلم الثقة العدل موت المنقول منه، لأن الحي أفضل من الميت، وتوفير البصر أو الحياة لإنسان نعمة عظمى مطلوبة شرعاً" وإني لأرجو الله تعالى أن يجعل ثواب المتبرع صدقة جارية في حياته وبعد مماته، ولمن يريد المزيد فله الإطلاع على مقررات المجمع الفقهي الإسلامي وبعض الفتاوى المصرية وغيرها في نهاية هذا البحث.
قد عرفنا الشروط الشرعية والفقهية التي اشترطها الدين الإسلامي الحنيف لنقل الأعضاء، وفيما يلي نستعرض الشروط الطبية لنقل الأعضاء من المنقول منه.