فتوى الشيخ محمد خاطر في سلخ جلد الميت لعلاج حروق الأحياء.. أخذ الطبقات السطحية من جلد المتوفين بعد وفاتهم لعلاج الحروق الجسمية والعميقة بالنسبة للأحياء



المبادئ:
1- للميت حرمة كحرمته حياً، فلا يتعدى عليه بكسر أو شق أو غير ذلك.
2- قواعد الدين الإسلامي مبنية على رعاية المصالح الراجحة، وتحمل الضرر الأخف لجلب مصلحة يكون تفويتها أشد من هذا الضرر.
3- أخذ الطبقات السطحية من جلد المتوفين بعد وفاتهم لعلاج الحروق الجسمية والعميقة بالنسبة للأحياء، إن حقق مصلحة ترجح المحافظة على الميت جاز ذلك شرعاً.
4- قصر ذلك على الموتى الذين لا أهل لهم، أما من لهم أهل فلا بد من الإذن.
5- يحتاط عند إصدار قانون بذلك، بحيث يقتصر فيه على الحاجة الماسة فقط، وألا يتعدى الأموات الذين ليس لهم أهل.
سُئل:
طلبت وزارة الصحة المركزية - مكتب الوزير - المستشار القانوني بكتابها رقم (216) المؤرخ 18/10/1972م بيان رأي الدين في الاستعانة بالطبقات السطحية من جلد المتوفين في ظرف ثماني عشرة ساعة بعد الوفاة لعلاج الحروق الجسمية والعميقة بالنسبة للأحياء، حتى يتسنى للسيد الدكتور مدير معهد الحروق بوزارة الصحة في حالة جوازه شرعاً استصدار قانون بذلك.
أجاب:
بأنه بعد بحث هذا الموضوع من جوانبه جميعها ـ وجدنا أن هناك قاعدة يحرص عليها الدين كل الحرص، ويحوطها بسياج متين من رعايته ــ هذه القاعدة هي ان للميت حرمة تجب المحافظة عليها ويجب أن يكرم الميت وألا يبتذل ، لأنه قد ورد عن رسول الله (ص) عليه النهي عن كسر عظم الميت لأنه ككسره حياً ـ ومن هذا يتضح لنا أن للميت حرمة كحرمته حياً ، فلا يتعدى عليه بكسر أو شق أو غير ذلك، وعلى هذا فيكون إخراج الطبقات السطحية من جلد المتوفين بعد وفاتهم فيه اعتداء عليهم غير جائز شرعاً، إلا إذا دعت ضرورة تكون المصلحة فيها أعظم من الضرر الذي يصيب الميت، وذلك لأن قواعد الدين الإسلامي مبنية على رعاية المصالح الراجحة، وتحمل الضرر الأخف لجلب مصلحة يكون تفويتها أشد من هذا الضرر. فإذا كان أخذ الطبقات السطحية من جلد المتوفين بعد وفاتهم لعلاج الحروق الجسمية والعميقة بالنسبة للأحياء يحقق مصلحة المحافظة على الميت جاز ذلك شرعاً، لأن الضرر الذي يلحق بالحي المضطر لهذا العلاج أشد من الضرر الذي يلحق الميت الذي تؤخذ الطبقات السطحية من جلده وليس في هذا ابتذال للميت ولا اعتداء على حرمته المنهي عنه شرعاً، لأن النهي إما أن يكون إذا كان التعدي لغير مصلحة راجحة، أو غير حاجة ماسة. وتطبيقاً لذلك نقول: إن أخذ الطبقات السطحية من جلد المتوفين بعد وفاتهم لعلاج الحروق الجسمية والعميقة للأحياء جائز شرعاً إذا دعت إليه الضرورة على نحو ما ذكر، وكان يحقق مصلحة ترجح مصلحة المحافظة على الميت. ونرى قصر هذا الجواز على الموتى الذين لا أهل لهم وليس في هذا الاعتداء على حرمة الميت، لأن الضرورة دعت إليه والضرورات تبيح المحظورات، ولأن الضرورة شرعاً تقدر بقدرها ، فقد رأينا لذلك قصر الجواز على الموتى الذين لا أهل لهم. وبهذا تتحقق مصلحة للأحياء الذين أصابتهم حروق جسيمة أو عميقة أعظم بكثير من الضرر الذي يصيب الميت الذي تؤخذ طبقات جلده السطحية وليس فيه امتهان لكرامته أو ابتذال له . أما صدور قانون بذلك ـ فإننا نرى الاحتياط فيه بحيث يقتصر فيه على الحاجة الماسة فقط. وألا يتعدى الأموات الذين ليس لهم أهل ـ أما الأموات الذين لهم أهل فإن أمر أخذ الطبقات السطحية من جلدهم يكون بيدهم وبإذنهم وحدهم، فإذا أذنوا جاز ذلك، وإلا فلا يجوز بدون إذنهم. وبهذا يعلم الجواب عما جاء بالاستفتاء.
والله سبحانه وتعالى أعلم..