كيف يتم تشخيص الصرع؟.. تغيرات النشاط الكهربي للمخ التي يتم تسجيلها برسام المخ الكهربي. أعراض تتشابه مع كثير من الأمراض النفسية والعقلية



تشخيص الصرع:

إن تشخيص حالات الصرع يعتمد على بعدين أساسيين: الأول هو العلامات الإكلينيكية التي يراها الطبيب، والثاني هو التغيرات التي تطرأ على النشاط الكهربي للمخ والتي يتم تسجيلها برسام المخ الكهربي.

رسام المخ:

والحقيقة أنه على الرغم من كون رسام المخ هو الأداة التشخيصية الوحيدة لحالات الصرع بوجه عام، إلا أن عملية التشخيص لا تعتمد عليه ما لم تحدث النوبة أثناء تسجيل النشاط، وهو ما يسمى برسم المخ أثناء النوبة (Ictal E.E.G)، وفي هذه الحالة فقط يصبح وجود نشاط صرعى هو العلامة المؤكدة لهذا التشخيص.

رسم المخ بين النوبات:

وفي المقابل لا يعني عدم وجود نشاط كهربي مميز في رسام المخ - بين النوبات - استبعاد تشخيص حالة الصرع.
ولسوء الحظ فإنه لا يتاح لنا في أغلب الأحيان عمل رسم المخ للمريض أثناء حدوث النوبة، وكل ما نعتمد عليه في الغالب هو رسم المخ بين النوبات (Inter-ictal E.E.G) وفي أحيان كثيرة يكون هذا الرسم طبيعيا، أي أنه لا يسجل أي نشاط صرعي.

انعدام النشاط الصرعي:

وقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن رسم المخ لمرضى الصرع قد يبدو طبيعيا في نسبة غير قليلة من الحالات.
ومن هذه الدراسات ما قام به آجمين وآخرون من دراسة التغيرات التي تظهر في رسام المخ لدى مرضى الصرع النفسي الحركي، وقد تبين أن 55 % من الحالات لا يظهر الرسم أي نشاط صرعى على الإطلاق.

وتأكدت هذه النتيجة في الدراسة التي أجراها سالينسكي وآخرون Salisky, etal., 1987 على مرضى الصرع من خلال سلسلة متتابعة من رسوم المخ لهؤلاء المرضى، ووجد فيها أن 50 % من المرضى فقط يظهر رسم المخ الأول لهم نشاطا صرعيا، بينما ترتفع النسبة إلى 84 % في الرسم الثالث، وإلى 92 % في الرسم الرابع.

تفسير النتائج:

وفي ضوء ما سبق يمكن استخلاص النتائج التالية:

1- إن 50 % من الحالات التي يتم تشخيصها على أنها حالات صرع - وهي كذلك فعلا - يكون رسم المخ الأول بين النوبات سلبيا.
2- إذا كان الرسم الأول لنشاط المخ ترتفع فيه نسبة عدم وجود نشاط صرعى، فإن الحالات التي تحدث النوبة فيها مرة واحدة فقط، أو الذين لا يتكرر لديهم حدوث النوبات بشكل متواتر ومتكرر، مثل هذه الحالات لا يمكن الاعتماد في تشخيصها على رسم المخ كأداة تشخيصية وحيدة بجانب الملاحظات الإكلينيكية.

3- مع عدم إمكانية عمل رسم المخ أثناء النوبة في كثير من الحالات - وهو الرسم التشخيصي الذي يمكن الاعتماد عليه - تظل رسوم المخ بين النوبات غير تشخيصية، ولا يمكن الاعتداد بها إلا إذا أظهرت نتائج إيجابية تتفق والأعراض الإكلينيكية.
4- على الرغم من أن رسام المخ هو الأداة الموضوعية الوحيدة التي نعتمد عليها في التشخيص، إلا أنها أداة تفقد صدقها في كثير من الأحيان - بل وثباتها أيضا - لأنها قد لا تعطى نتائج إيجابية مع استمرار إجرائها.

تشخيص نوبات الصرع النفسي الحركي:

وبالإضافة إلى النتائج السابقة يمكن القول بأنه إذا كانت نوبات الصرع الكبرى يمكن تشخيصها بشكل أيسر اعتمادا على الصورة الإكلينيكية، فإن نوبات الصرع النفسي الحركي يصعب تشخيصها اعتمادا على الصورة الإكلينيكية وما تشمله من أعراض تتشابه مع كثير من الأمراض النفسية والعقلية.

ونظرا لأن هذه النوبات لا تظهر فيها بالضرورة كل أعراضها المميزة، وفي نفس الوقت لا يمكن الاعتماد على رسم المخ في تشخيصها، فإن هذه الملاحظات جميعها توضح لنا أهمية إيجاد أداة موضوعية أخرى تساعد على تشخيص هذه الحالات حتى لو كان رسام المخ سلبيا.