تأثير المواد السامة على الجهاز العصبي وأسباب حساسيته.. الرصاص. الزئبق. المبيدات الحشرية



يعد الجهاز العصبي جهازاً معقداً تكمن وظيفته الرئيسية في ربط الاتصال بين الخلايا ويتكون الجهاز العصبي من الدماغ والحبل الشوكي ومجموعة كبيرة من الاعصاب والاعضاء الحسية التي تتحكم في وظائف الجسم بما في ذلك الحركة والتفكير والنظر والسمع والكلام ووظائف القلب والتنفس والعديد من العمليات الأخرى.
ويتم التحكم في ذلك بواسطة شبكة من الأعصاب و الناقلات والهرمونات والمستقبلات والمواد الكيميائية.

ينقسم الجهاز العصبي تشريحياً إلى قسمين رئيسين وهما الجهاز العصبي المركزي (CNS) والجهاز العصبي الطرفي (PNS).

يحتوي CNS على الدماغ والحبل العصبي، فيما يحتوي PNS على الأعضاء التي تتجه إلى ومن الحبل الشوكي والأعضاء الحسية والغدد والأوعية الدموية والعضلات.

أسباب حساسية الجهاز العصبي: 
1- الخلية العصبية (Neuron) لا يمكن إعادة بنائها إذا ما فقدت لذا فالضرر الذي يلحق بالجهاز المركزي عادة ما يكون مستديماً.
2- تفقد الخلايا العصبية مع التقدم في العمر.
3- يمكن  للعديد من السموم العصبية  عبور حاجز الدماغ الدموي (BBB) Blood brain barrier.
4- وجود زوائد ومحاور طويلة للخلايا العصبية قد تمتد من ظرف القدم إلى الدماغ.
5- وجود  توازن كهركيميائي ذو حساسية شديدة للتواصل بين الخلايا.
6- تؤدي التغيرات الطفيفة في التركيب  أو الوظيفة إلى تبعات كبيرة في السلوك وظائف الأعضاء.
7- يعتمد الدماغ على السكر المصنوع خارج الدماغ اعتماداً كلياً.
8- نقص السكر والاوكسجين ولو لفترة قصيرة قد يؤدي إلى نتائج وخيمة وضرر بالغ بالدماغ.

يعرف التسمم العصبي على أنه تغيرات سلبية إما في تركيب أو ظيفة الجهاز العصبي من جراء تعرضه لمادة كيميائية سامة.

فعلى المستوى الجزيئي قد تعيق هذه المادة تصنيع البروتين والإنزيمات اللازمة لصنع الناقل العصبي فيؤدي ذلك إلى الاخلال في وظيفة الدماغ وتراجع النواقل العصبية.

وقد تعطل المادة السامة عمل مضخة الصوديوم والبوتاسيوم عبر الأغشية مما قد يؤثر على انتقال الاشارات والنبضات العصبية فالمواد السامة التي تؤثر على الوظائف الحسية والحركية قد تعيق عمليات التعلم والتفكير.

هناك شرائح من المجتمع معينة وأصحاب مهن هم أكثر عرضة للإصابة بالتسمم العصبي كالأجنة والأطفال والمسنين والعاملين في مجال المواد  الخطرة والمدمنين على المخدرات يعتبرون أكثر عرضة للمخاطر العالية.

ويعد الجهاز العصبي ولا سيما في طور النمو شديد الحساسية للسموم العصبية فالجهاز ينمو بنشاط لتكوين شبكاته المتنوعة في حين أن (BBB) الحاجز الدماغي لم يكتمل نموه ومنظومته الخاصة لتثبيط السمية لم تكتمل بعد.

ويمكن تقسيم التأثيرات السمية إلى المجموعات الآتية: 

1- سموم تؤثر على الدماغ، فتظهر أعراض إثارة فيزيائية ونفسية ويفقد المصاب القدرة على النوم وتحدث له تشنجات (صرع) مثل picrotoxin.

2- سموم تؤثر على المخيخ تؤدي إلى عدم تناسق الحركة وعدم التوازن مثال على ذلك الغول (Alcohol).

3- سموم تؤثرعلى مراكز حركات التنفس مثل CO2 يؤدي إلى الكراز ومثل المورفين (morphine) قد يؤدي إلى وقف حركات التنفس تماماً.

4- سموم تؤثر على النخاع الشوكي الذي يلعب دوراً مهماً في نقل التنبيهات العصبية للأفعال المنعكسة.
مثل: الستركنين (Strychnin) يؤدي إلى فرط الاصابة لاعصاب الترابط.
فإن أي تنبيه مركزي أو محيطي يسبب تشنجات وتقلصات عضلية عامة.

5- سموم تؤثر على مراكز تنظيم الحرارة.
فبعض السموم تزيد من درجة الحرارة مثل المنشطات (Amphetamine) وبعضها تخفض الحرارة كمزيلات الألم والكحول.

6- سموم تؤثر على الجملة العصبة الذاتية (Autonomic N.S).
والتي تتألف من القسم الودي (Sympathetic) وجار الودي (Parasympathetic).
فالتي تؤثر على القسم الودي كالأدرينالين (Adrenaline) توسع الحدقة وتسرع دقات القلب وتضيق الأوعية الدموية وترفع ضغط الدم وتوسع القصبات الهوائية في حين تأثيرات الجار الودي في المقابل عكس الودي مثل: Acetylcholine.

أمثلة من السموم العصبية:
- الرصاص، الزئبق، المبيدات الحشرية.
- المذيبات Solvents:
 قابلة للذوبان في الدهون ويمكن أن  تعبر إلى الجهاز العصبي مثل الكحول (Alcohol).

- الرصاص:
يتمتع الرصاص بتأثيرات كبيرة على الجهاز العصبي حيث حتى الجرعات المنخفضة يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات حادة على الفهم والتعلم.

وقد تتراوح أضرار الرصاص في الأطفال ما بين تثبيط الاتزان العضلي إلى الإغماء والاختلاج.
ولا تزال ظاهرة تسمم الأطفال تشكل عقبة صحية رئيسية.

- الزئبق:
تعد مركبات الزئبق من السموم العصبية القوية التي أدت إلى حالات تسمم واسعة على المستوى العالمي. تشمل اعراض التسمم  فقد التوازن والصعوبة في الكلام ومشاكل في البصر.

ومن أمثلة التسمم الشهيرة ما حدث باليابان في أواسط 1950م، حيث تم طرح مادة كيميائية من أحد المصانع الواقعة على خليج مدينة ميناماتا اليابانية.

وهذه المادة عبارة عن جزء من مخلفات المصنع وتشتمل على كميات من الزئبق غير العضوي.
النتيجة الصحية كانت حلات حادة من التسمم العصبي وتراجع في النمو نتيجة استهلاك الاسماك والاصداف الملوثة المصطادة من هذا الخليج.

حالات أخرى من التسمم بالزئبق جأت نتيجة استهلاك البذور المعاملة بمركبات الزئبق لحمايتها من الفطريات وقد حدثت إحدى هذه الحالات بالعراق عام 1971م.

- المبيدات:
تعتبرالمبيدات من أكبر السموم العصبية المألوفة.
إذ أن المركبات الفوسفورية العضوية على سبيل المثال تتمتع بخصائص سمية عصبية قوية.
ويماثلها في ذلك وأن كان بأقل حدة مركبات الكاربامات ثم المبيدات الهيدروكربونية العضوية المكلورة.

وتعمل كل من الفوسفوري العضوي و الكاربامات على تثبيط إنزيم الاسيتيل كولين استيراز وهو الانزيم المسؤول عن تكسير الناقل العصبي Ach استيل كولين.

تثبيط هذا الانزيم يؤدي إلى تراكم Ach في مناطق التشابك بين الاعصاب والعضلات مؤدياً إلى التنبيه المفرط (Overstimulation) لمراكز الاستقبال بما في ذلك التي تتحكم في حركة العضلات وبعض الأجهزة وعمليات البصر والتفكير.

وبالإضافة إلى التأثيرات الحادة فإن المركبات الفوسفورية العضوية لها تأثيرات عصبية متأخرة تظهر بعد 7 إلى 10 أيام من تاريخ التعرض للمادة السامة.


ليست هناك تعليقات