أمراض الأطفال ومعالجتها.. تأثير العلاجات باختلاف الأشخاص وضعف تأثيرها على الشخص نفسه بمرور الأيام



علاج أمراض الأطفال

لقد كان أسلوب البلدي عند التحدث عن أمراض الأطفال ومعالجتها أن يبدأ بتعريفها ثم يذكر أعراضها وينتهي إلى ذكر العلاج.

التجربة والقياس لعلاج الأمراض:

وفي كل ذلك يذكر أغلب ما جاء في كتب الأقدمين مستعيناً بطريقتي التجربة والقياس.
فكل حقيقة عن الأمراض والعلاجات وغيرها من المواد الغذائية والدوائية لا يقتنع بها ولا تثبت لديه بالمشاهدة الصحيحة والتجربة منفعتها وصحتها يرفضها مبيناً رأيه وسبب رفضه بروح علمية وانتقاد نزيه، وكل ما اقتنع به نقله وسجله في كتابه مشيراً إلى صاحبه.

لقد انفرد البلدي في تأكيده على اختلاف تأثير العلاجات باختلاف الأشخاص وأكد على ضعف تأثير العلاج على الشخص نفسه بمرور الأيام لتعوده عليه وهي ملاحظة جديرة بالإعجاب والإكبار.

كما أنه أكد في مواضع أخرى من الكتاب على اختلاف تأثير العلاجات حسب اختلاف الأعمار.

علاقة علاج أمراض الأطفال بأمراض أجهزة الجسم الأخرى:

إن ما كتبه البلدي عن أمراض الأطفال ومعالجتها شملت أمراض أجهزة الجسم المختلفة المعروفة في زمانه.
لا يتسع المجال للدخول في تفاصيلها ونكتفي بالإشارة إلى اكتشافه المهم ألا وهو وصفه لـمرض الحميقاء (الجدري الكاذب= الجديري= جدري الماء Chickenpox) يجهل الكثيرون كون البلدي هو أول من وصف مرض الحميقاء وميزه عن الجدري والحصبة، وأعطى لكل مرض من هذه الأمراض وصفاَ منفصلاَ.

ودليلنا على أنه أول من أكتشفه هو عدم ذكر أوصاف هذا المرض من قبل أحد من المؤلفين اليونانيين وكذلك العرب والمسلمين من الذين سبقوه.

وإذا كان قد جاء ذكره لدى البعض، فإنما ذكروا اسمه فقط ولم يذكر أحد قبله، أعراض وأدوار وخصائص هذا المرض.
ولسوء الطالع بقي اكتشاف البلدي هذا كشخصه وكتابه طي النسيان حيث لم ينتشر ذكره ولم يترجم إلى اللغات الأوربية.

الحميقاء - الجدري الكاذب:

كما وأننا لا نجد ذكراً مفصلاً لمرض الحميقاء (الجدري الكاذب) في المصادر الطبية العربية منها والأجنبية لأكثر من خمسة قرون تلت مجيء البلدي.

وبعد أن يستعرض الدكتور إرهرت كاهلة (أستاذ تاريخ طب الأطفال في معهد تاريخ الطب / جامعة ورزبيرك - ألمانيا الغربية) بدايات ورود اسم الحميقاء (الجدري الكاذب) في المصادر الغربية يقول (لذا من الآن فصاعداً يجب أن يقترن اسم البلدي كأول واصف لمرض الجدري الكاذب في تاريخ طب الأطفال).