التربية الجنسية في المدارس.. التركيز على الأخطار الناجمة عن العلاقات الجنسية خارج الإطار الزوجي



لا شك أن الإنسان قد أُودعَ في غريزته أن يتعرَّفَ نوعاً ما على حياته الجنسية بما يتفق مع نموه وتطوره. والإنسان حينما يمرُّ بمرحلة المراهقة يحتاج أن يعرف بعض المعلومات الخاصة عن التكاثر والحيض والولادة والزواج.. إلخ.

ولقد أشار القرآن الكريم حين حديثه عن آداب الجنس عن خَلْق الإنسان. يقول تعالى: "يَا أيُّهَا النَّاسُ إنْ كُنْتُمْ في رَيْب منَ البَعْث فَإنَّا خَلَقـْنَاكُمْ منْ تُرَاب ثُمَّ منْ نُطْفَة ثُمَّ منْ عَلَقَة ثُمَّ منْ مُضْغَة مُخَلَّقَة وَغَيْر مُخَلَّقَة لنُبَيّنَ لكُمْ، وَنُقرُّ في الأرْحَام مَا نَشَاءُ إلى أَجَل مُسَمىً ثُمَ نُخْرجُكـُمْ طفْلاً ثُمَّ لتَبْلُغُوا أَشُدَّكـُمْ، ومنْكـُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمنْكـُمْ مَنْ يُرَدُّ إلى أرْذَل العُمُر لكَيْلا يَعْلَمَ منْ بَعْد علْم شَيْئاً." [سورة الحج: الآية 5].

ويقول تعالى: "إقْرَأْ باسْم رَبكَ الَّذي خَلَقَ* خَلَقَ الإنْسَانَ منْ عَلَق." [سورة العلق: الأية 1-2].

ومن الجدير بالذكر أن العلوم الحديثة أكَّدتْ هذه الصورة الرائعة التي ذكرها القرآن الكريم عن خلق الإنسان قبل خمسة عشر قرناً.
بالرغم من أن كثيراً من الآباء يجدون حرجاً في التحدث مع أبنائهم في المواضيع الجنسية حياءً منهم، إلا أن الواعين منهم يدركون أهمية الحديث في مثل هذه المواضيع الحساسة والضرورية جداً.

ومن المناسب أن ننَُوّهَ إلى أن القانون البريطاني يضع التربية الجنسية في منهاج التعليم للمدارس الرسمية الثانوية، تحت القسم الثاني من المنهاج المطوَّر لعام ( 1988) والذي تمَّ تعديله في القسم(241/1) من القانون الصادر في عام 1993م.

كما نصَّ القانون- مع شيء من التحفظ – على معالم التربية الجنسية في المدارس الرسمية الإبتدائية في القسم (18/2) من القانون الصادر في عام 1986م.

ومن الأسباب الموجبة لهذه القوانين أنها تريد تعويض النقص الذي يعانيه الأبناء من المعلومات المناسبة عن التربية الجنسية.

وعن كتب الجنس المقررة تقول صحيفة تريبيون Tribune: "إن الأطفال في سنّ الثامنة أصبحوا يتلقون التربية الجنسية في بعض المدارس المختارة من المدارس الإنكليزية، وهناك خمسة من الكتب الجنسية يختلف بعضها عن بعض في المستوى ويتعلم منها التلاميذ والتلميذات منذ هذا السنّ الحملَ عند الإنسان والحيوان.

والكتابان الثاني والثالث منها مخصصان لتلاميذ وتلميذات السنة العاشرة من العمر إلى الرابعة عشرة، ويُعَلمان الفروق بين الذكورة والأنوثة.

أما الكتابان الرابع والخامس فيعلمان الأمراض السارية، والمسؤولية الاجتماعية الجنسية، والانحراف الجنسي ، ثم لمن هم فوق السادسة عشرة من العمر يعلمان طرقَ الوقاية من الحمل."

ولا ريب أن المسلم الذي يريد أن يبحث في قواعد التربية الجنسية عليه أن يضع في مقدمة البحث أن كل ما يتعلق بالعلاقات الجنسية إنما يجري ضمن العائلة في إطار الزوجية الشرعية، وأن يؤكد على أهمية العائلة ودورها في بناء المجتمع، وأهمية الأخلاق والحشمة Decence وأن يركز بصورة خاصة على الأخطار الناجمة عن العلاقات الجنسية خارج الإطار الزوجي.

والمسلمون الذين يعيشون في مجتمع غير إسلامي هم أكثر الناس حاجة لمثل هذا النوع من التربية والتوجيه في هذا المجتمع الذي يعيش حياة حرةً إباحية تسمح بالسلوك الجنسي المتحرر من كل الضوابط المتنافية مع التعاليم الإسلامية.

ولننظر إلى بريطانيا التي طبَّقتْ مناهج التعليم الجنسي، فلقد صدر فيها في السنوات الأخيرة دراسة نسائية تهاجم تعليم الجنس وترفضه بشدة لمردوده الخطير على الناشئة. والكتاب من تأليف سيدتين متخصصتين هما الدكتورة (مارغريت وايت) والدكتورة (جانيت كيد).

ومما جاء فيه: "إن الرجل مهما كان تفكيره يفضل أن يتزوج من فتاة لم تجعل نفسها في متناول الآخرين، وإن القول بأن (الموضة) هو تعلم الجنس وإباحة الحديث عنه وإطلاق اسم الواقعية عليه، هذا الأسلوب هو مجرد هراء ولغو فارغ".

وقد طلبت المؤلفتان من كل فتاة رفض دعوة أي رجل تشمُ منه رائحة ممارسة حياة الفوضى.. وطالبتا الآباء بأن يربُّوا أولادهم منذ الصغر على الحياء في مناقشة الأمور الجنسية، والابتعاد عن الموجة المُدمّرة التي تطالب باسم (الموضة) بنشر التعليم الجنسي في المدارس، والذي بدأ فعلاً في العديد من المدارس الأوروبية.