زراعة الزيتون.. تميز شجرة الزيتون بقدمها وطول عمرها وجودة عطائها وتحملها للظروف البيئية القاسية



تعتبر شجرة الزيتون شجرة الحضارات القديمة، وتشير التنقيبات الأثرية إلى أن تاريخ زيت الزيتون يرتبط بتاريخ البحر المتوسط ومنذ العهد البرونزي، ويعتقد الكثير من العلماء الدارسين أن سورية الطبيعية هي أول من عرف زراعة الزيتون ومنذ 6000 عام، وهذا ما أكدته الاكتشافات الأثرية في أوغاريت على الساحل السوري، حيث وجدت عبوات من الزيت كانت معدة للتصدير إلى بلدان المتوسط.

وتشير الكتب التاريخية القديمة إلى اهتمام مختلف الشعوب وعبر العصور المختلفة بهذه الزراعة، بل أن الكثير منهم اعتبرها رمزاً للسلام والمحبة.

وقد ورد ذكر شجرة الزيتون في الرسالات السماوية، حيث مر ذكرها في الإنجيل المقدس، فقد اختار السيد المسيح بستاناً من الزيتون لإقامة صلواته.

وفي القرآن الكريم ورد ذكر الزيتون والزيت في أكثر من موقع (والتين والزيتون وطور سنين).
وفي سورة أخرى شبه القرآن الكريم نور زيتها بنور الله (الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنه كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لاشرقية ولاغربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم) سورة النور الآية 35.

كما أشاد الرسول العربي الكريم محمد (ص) بذكرها فقال (اللهم بارك في الزيت والزيتون) وقال أيضاً (كلوا الزيت وادهنوا به فإن فيه شفاء من سبعين داء منها الجزام).

وقد ازدهرت زراعة الزيتون أثناء الفتوحات الإسلامية لأن العرب نقلوا هذه الزراعة إلى أغلب البلدان التي فتحوها.

وتعد زراعة الزيتون حالياً من أهم الزراعات في بلاد المتوسط وعليها تتوقف معيشة الملايين من الأفراد والعائلات.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن شجرة الزيتون تختلف عن باقي الأشجار المثمرة بقدمها وطول عمرها وجودة عطائها وتحملها للظروف البيئية القاسية.

وتعتبر بحق من أهم الزراعات البعلية التي ما تزال تدر بخيراتها على أكثر من ربع سكان العالم ومنذ مئات السنين، وحتى الحرب العالمية الثانية وزيت الزيتون يشكل القدر الأكبر من استهلاك المواد الدهنية الضرورية في البلاد المنتجة له.

إلا أنه بعد الانتشار السريع للزيوت النباتية الأخرى، وبفضل تطور طرق صناعة هذه الزيوت وتكريرها ظهر نوع من الاهتمام بها على حساب زيت الزيتون نظراً لانخفاض أسعارها مقارنة مع الزيت الزيتون ولحملات الدعاية المكثفة لها.

ومع ذلك فإن زيت الزيتون استطاع أن يشق طريقه في التجارة الدولية بل وأخذ يغزو الكثير من البلدان مثل أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا الشمالية، كما أخذت المساحة المزروعة بالزيتون تتسع سنة بعد أخرى نتيجة لزيادة الطلب على هذه المادة ذات القيمة الغذائية والحيوية والطبية العالية التي لايمكن لأي زيت نباتي آخر أن يتمتع بها.

ويقدر الإنتاج العالمي من زيت الزيتون اليوم حسب إحصائيات المجلس الدولي لزيت الزيتون بحوالي مليون ونصف المليون طن.

هذا وقد توسعت زراعة الزيتون في القطر العربي السوري بشكل كبير وخاصة خلال السنوات العشر الماضية حيث وصل عدد الأشجار في عام 1983 إلى ثلاثين مليون شجرة قدر إنتاجها في عام 1982 بحوالي 470 ألف طن من الثمار يستهلك جزء من هذا الإنتاج للتخليل الأخضر والأسود ويقدر بحدود 20% والباقي لاستخراج الزيت الذي يعتبر من المصادر الغذائية التقليدية التي يعتمد عليها غالبية سكان هذا القطر.

هذا بالإضافة للاستعمالات العديدة لزيت الزيتون كدواء وعلاج فعال للعديد من الأمراض ولمختلف مراحل عمر الإنسان.